صفحة رقم ٢٠٤
وقلبوها للزراعة ) وعمروها ( يعني الأمم الخالية ) أكثر مما عمروها ( يعني أهل مكة ) وجاءتهم رسلهم بالبينات ( أي فلم يؤمنوا فأهلكهم الله ) فما كان الله ليظلمهم ( أي بنقص حقوقهم ) ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ( أي ببخس حقوقهم ) ثم كان عاقبة الذين أساءوا ( أي أساءوا العمل فاستحقوا ) السوأى ( يعني الخلة التي تسوءهم وهي النار وقيل السوء اسم لجهنم، ومعنى الآية أن عاقبة الذين عملوا السوء النار ) أن كذبوا ( أي لأنهم كذبوا وقيل معنى الآية ثم كان عاقبة المسيئين أن حملتهم تلك السيئات على أن كذبوا ) بآيات الله وكانوا بها يستهزئون ( قوله تعالى ) الله يبدأ الخلق ثم يعيده ( أي خلقهم ابتداء ثم يعيدهم بعد الموت أحياء ) ثم إليه يرجعون ( أي فيجزيهم بأعمالهم ) ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ( قيل : معناه أنهم ييأسون من كل خير وقيل : ينقطع كلامهم وحججهم وقيل يفتضحون ) ولم يكن لهم من شركائهم ( يعني أصنامهم التي عبدوها ) شفعاء ( أي يشفون لهم ) وكانوا بشركائهم كافرين ( أي جاحدين متبرئين يتبرؤون منها وتتبرأ منهم ) ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون ( أي يتميز أهل الجنة من أهل النار.
وقيل يتفرقون بعد الحساب أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار فلا يجتمعون أبداً فهو قوله تعالى ) فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة ( أي في جنة وقيل الروضة البستان الذي هو في غاية النضارة ) يحبرون ( قال ابن عباس يكرمون وقيل يتنعمون ويسرون والحبرة السرور.
وقيل في معنى يحبرون : هو السماع في الجنة.
قال الأوزاعي : ليس أحد من خلق الله أحسن صوتاً من إسرافيل فإذا أخذ في السماع قطع على أهل سبع سموات صلاتهم وتسبيحهم وقال : إذا أخذ السماع فلا يبقى في الجنة شجرة إلا وردته، وسأل أبا هريرة رجل : هل لأهل الجنة من سماع ؟ فقال : نعم شجرة أصلها من ذهب وأغصانها من فضة وثمارها اللؤلؤ والزبرجد والياقوت يبعث الله ريحاً فيجاوب بعضها بعضاً فما يسمع أحد أحسن منه ) وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة ( أي البعث يوم القيامة ) فأولئك في العذاب محضرون ( قوله تعالى ) فسبحان الله ( أي فسبحوا الله ومعناه صلوا لله ) حين تمسون ( أي تدخلون في المساء وهي صلاة المغرب والعشاء ) وحين تصبحون ( أي تدخلون في الصباح وهي صلاة الصبح ) وله الحمد في السموات