صفحة رقم ٢١١
بالناس كفار مكة ) ليذيقهم بعض الذي عملوا ( يعني عقوبة الذي عملوا من الذنوب ) لعلهم يرجعون ( يعني عن الكفر وأعمالهم الخبيثة ) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل ( أي لتروا منازلهم ومساكنهم خاوية ) كان أكثرهم مشركين ( يعني فأهلكوا بكفرهم.
الروم :( ٤١ ) ظهر الفساد في...
" ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )
الروم :( ٤٢ ) قل سيروا في...
" قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين " ( ) ليكفروا بما آتيناهم ( ليجحدوا نعمة الله عليهم ) فتمعتوا ( فيه تهديد ووعيد خاطب به الكفار ) فسوف تعلمون ( أي حالكم هذه في الآخرة ) أم أنزلنا عليهم سلطاناً ( قال ابن عباس حجة وعذراً وقيل كتاباً ) فهو يتكلم ( أي ينطق ) بما كانوا به يشركون ( أي بشركهم ويأمرهم به ) وإذا أذقنا الناس رحمة ( أي الخصب وكثرة المطر ) فرحوا بها ( أي فرحوا وبطروا ) وإن تصبهم سيئة ( أي جدب وقلة مطر وقيل خوف وبلاء ) بما قدمت أيديهم ( من السيئات إذا ) هم يقنطون ( أي ييأسون من رحمة الله وهذا خلاف وصف المؤمن فإنه يشكر ربه عند النعمة ويرجوه عند الشدة ) أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ( تقدم تفسيره.
قوله عز وجل ) فآت ذا القربى حقه ( أي من البر والصلة ) والمسكين ( أي حقه وهو التصدق عليه ) وابن السبيل ( أي المسافر وقيل الضيف ) ذلك خير للذين يريدون وجه الله ( أي يطلبون ثواب الله بما كانوا يعملون ) وأولئك هم المفلحون ( قوله عز وجل ) وما آتيتم ( أي أعطيتم ) من ربا ليربوا في أموال الناس ( أي في اجتلاب أموال الناس واجتذابها قيل في معنى الآية هو الرجل يعطي غيره العطية ليثيبه أكثر منها فهو جائز حلال ولكن لا يثاب عليها في القيامة وهذا قوله ) فلا يربو عند الله ( وكان هذا حراماً على النبي خاصة لقوله تعالى ) ولا تمنن تستكثر ( " أي لا تعط وتطلب أكثر مما أعطيت وقيل هو الرجل يعطي صديقه أو قريبه ليكثر ماله لا يريد به وجه الله.
وقيل : هو الرجل يلتزق بالرجل فيخدمه ويسافر معه فيجعل ربح ماله لا لتماس عونه لا لوجه الله تعالى فلا يربو عند الله لأنه لم يرد بعمله وجه الله ) وما آتيتم من زكاة ( أي أعطيتم من صدقة ) تريدون وجه الله ( أي بتلك الصدقة ) فأولئك هم المضعفون ( أي يضاعف لهم الثواب فيعطون بالحسنة عشر أمثالها فالمضعف ذو الأضعاف من الحسنات.
قوله تعالى ) الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون ( تقدم تفسيره.
قوله تعالى ) ظهر الفساد في البر والبحر ( أي بسبب الشرك والمعاصي ظهر قحط المطر وقلة النبات في البراري والبوادي والمفاوز والقفار والبحر.
قيل المدائن والقرى التي هي على المياه الجارية والعرب تسمي المصر بحراً تقول : أجدب البر وانقطعت مادة البحر وقيل البر ظهر الأرض الأمصار وغيرها والبحر هو المعروف وقلة المطر كما تؤثر في البر تؤثر في البحر بخلو أجواف الأصداف من اللؤلؤ وذلك لأن الصدف إذا جاء المطر ترتفع على وجه الماء وتفتح أفواهها فما وقع فيه من المطر صار لؤلؤاً ) بما كسبت أيدي الناس ( أي بسبب شؤم ذنوبهم وقال ابن عباس الفساد في البر قتل أحد ابني آدم أخاه وفي البحر غصب الملك الجائر السفينة.
قيل كانت الأرض خضرة مونقة لا يأتي ابن آدم شجرة إلا وجد عليها ثمرة وكان البحر عذباً وكان لا يقصد البقر الغنم فلما قتل قابيل هابيل اقشعرت الأرض وشاكت الأشجار وصار ماء البحر ملحاً زعافاً وقصد الحيوان بعضها بعضاً.
وقيل : إن الأرض امتلأت ظلماً وضلالة قبل مبعث النبي ( ﷺ ) فلما بعث رجع راجعون من الناس وقيل أراد بالناس كفار مكة ) ليذيقهم بعض الذي عملوا ( يعني عقوبة الذي عملوا من الذنوب ) لعلهم يرجعون ( يعني عن الكفر وأعمالهم الخبيثة ) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل ( أي لتروا منازلهم ومساكنهم خاوية ) كان أكثرهم مشركين ( يعني فأهلكوا بكفرهم.
الروم :( ٤٣ - ٥٤ ) فأقم وجهك للدين...
" فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير " ( قوله عز وجل :( فأقم و جهك للدين القيم ( يعني لدين الإسلام ) من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ( يعني يوم القيامة لا يقدر أحد على رده من الخلق ) يومئذ يصدعون ( يعني يتفرقون ثم ذكر الفريقين فقال تعالى ) من كفر فعليه كفره ( يعني وبال كفره ) ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون ( أي يوطئون المضاجع ويسوونها في القبور ) ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله ( قال ابن عباس : ليثيبهم الله ثواباً أكثر من أعمالهم ) إنه لا يحب الكافرين ( فيه تهديد ووعيد لهم.
قوله تعالى ) ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات ( أي تبشر بالمطر ) وليذيقكم من رحمته ( أي بالمطر وهو الخصب ) ولتجري الفلك ( أي بهذه الرياح ) بأمره ولتبتغوا من فضله ( معناه لتطلبوا رزقه بالتجارة في البحر ) ولعلكم تشكرون ( أي هذه النعم.
قوله تعالى ) ولقد أرسلنا من قبلك رسلاً إلى قومهم فجاؤهم بالبينات ( أي بالدلالات الواضحات على صدقهم ) فانتقمنا من الذين أجرموا ( يعني أنا عذبنا الذين كذبوهم ) وكان حقاً علينا نصر المؤمنين ( أي مع أنجائهم من العذاب ففيه تبشير للنبي ( ﷺ ) بالظفر في العاقبة والنصر على الأعداء عن أبي الدرداء قال : سمعت النبي صلى الله عليه سلم يقول :( ما من مسلم يرد عن عرض أخيه إلا من كان حقاً على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم لقيامة ؛ ثم تلا هذه الآية : وكان حقاً علينا نصر المؤمنين ) أخرجه الترمذي ولفظه :( من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة ) وقال حديث حسن.
قوله عز وجل ) والله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً ( يعني تنشره ) فيبسطه في السماء كيف يشاء ( يعني مسيرة يوم أو يومين أو أكثر على ما يشاء ) ويجعله كسفاً ( أي قطعاً متفرقة ) فترى الودق ( أي المطر ) يخرج من خلاله ( أي من وسطه ) فإذا أصاب به ( يعني الودق ) من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون ( يعني يفرحون بالمطر ) وإن كانوا ( أي وقد كانوا ) من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين ( يعني آيسين


الصفحة التالية
Icon