صفحة رقم ٢٢٩
ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل " ( قوله عز وجل ) يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين ( نزلت في أبي سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبي الأعور وعمر بن سفيان السلمي، وذلك أنهم قدموا المدينة فنزلوا على عبدالله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين بعد قتال أحد، وقد أعطاهم النبي ( ﷺ ) الأمان على أن يكلموه فقام معهم عبدالله بن سعد بن أبي سرح وطعمة بن أبيرق فقالوا للنبي ( ﷺ ) وعنده عمر بن الخطاب ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزى ومناة، وقل إن لها شفاعة لمن عبدها وندعك وربك، فشق ذلك على النبي ( ﷺ ) فقال عمر يا رسول الله ائذن لي في قتلهم، فقال ( إني أعطيتهم الأمان ) فقال عمر اخرجوا في لعنة الله وغضبه فأمر النبي ( ﷺ ) عمر أن يخرجهم من المدينة.
فأنزل الله تعالى ) يا أيها النبي اتق الله ( أي دم على التقوى وقيل معناه اتق الله و لاتنقض العهد بينك وبينهم وقيل الخطاب مع النبي ( ﷺ ) والمراد به أمته ولا ) تطع الكافرين ( يعني من أهل مكة يعني أبا سفيان وعكرمة وأبا الأعور والمنافقين يعني من أهل المدينة عبدالله بن أبي وعبدالله بن سعد وطعمة ) إن الله كان عليماً ( أي بخلقه قبل أن يخلقهم ) حكيماً ( أي فيما دبره لهم ) واتبع ما يوحى إليك من ربك ( يعني من وفاء العهد وترك طاعة الكافرين والمنافقين ) إن الله كان بما يعملون خبيراً وتوكل على الله ( أي ثق بالله وكل أمرك إليه ) وكفى بالله وكيلاً ( يعني حافظاً لك وقيل كفيلاً برزقك.
قوله تعالى ) ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ( نزلت في أبي معمر جميل بن معمر الفهري، وكان رجلاً لبيباً حافظاً لما يسمع فقالت قريش ما حفظ أبو معمر هذه الأشياء إلا وله قلبان، وكان يقول إن لي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد، فلما هزم الله المشركين يوم بدر انهزم أبو معمر فيهم فلقيه أبو سفيان وإحدى نعليه في يده والأخرى في رجله، فقال له يا أبا معمر ما حال الناس.
فقال انهزموا فقال له فما بال إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك.
فقال أبو معمر ما شعرت إلا أنهما في رجلي.
فعلموا يومئذ أنه لو كان له قلبان لما نسي نعله في يده.
وعن أبي ظبيان قال : قلنا لابن عباس أرأيت قول الله ) ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ( ما عنى بذلك ؟ قال ( قام نبي الله ( ﷺ ) يوماً يصلي فخطر خطرة.
فقال المنافقون الذين يصلون معه ألا ترون أن له قلبين قلباً معكم وقلباً معهم فأنزل الله ) ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ( ) أخرجه الترمذي.
وقال حديث حسن قوله خطر خطرة يريد الوسوسة التي تحصل للإنسان في صلاة.
قيل في معنى الآية أنه لما قال الله تعالى ) يا أيها النبي اتق الله ( فكان ذلك أمراً بالتقوى.
فكأنه قال ومن حقها أن لا يكون في قلبك تقوى غير الله، فإن المرء ليس له قلبان حتى يتقي الله بأحدهما وبالآخر غيره، وقيل إن هذا مثل ضربه الله تعالى للمظاهر من امرأته وللمتبني ولد غيره، فكما لا يكون لرجل قلبان لأنه لا يخلو إما أن يفعل بأحدهما ما يفعل بالآخر من أفعال القلوب، فالآخر فضله عليه محتاج إليه، وإما أن يفعل بهذا ما لا يفعل بذاك، فذلك يؤدي إلى اتصاف الجملة بكونه مريداً كارهاً عالماً جاهلاً موقناً شاكاً في حالة