صفحة رقم ٢٥٢
لا نفارق حكم التوراة أبداً ولا نستبدل به غيره.
قال : فإذا أبيتم هذه فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالاً مصلتين بالسيوف ولا نترك وراءنا ثقلاً يهمنا حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فإن نهلك نهلك ولم نترك وراءنا شيئاً نخشى عليه وإن نظهر فلعمري لنتخذن النساء والأبناء.
قالوا : نقتل هؤلاء المساكين فما في العيش بعدهم خير.
قال : فإن أبيتم هذه الليلة ليلة السبت وإنه عسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنوا فانزلوا فلعلنا أن نصيب من محمد وأصحابه غرة.
قالوا : نفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يكن أحدث فيه من قبلنا إلا ما قد علمت فأصابهم من المسخ ما لم يخف عليك.
قال : ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه حازماً ليلة من الدهر ثم إنهم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه سلم أن ابعث لنا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بن عمرو بن عوف وكانوا حلفاء الأوس نستشيره في أمرنا.
فأرسله رسول الله ( ﷺ ) إليهم.
فلما رأوه قام إليه الرجال والنساء والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم.
فقالوا : يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد قال نعم وأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح، قال أبو لبابة فوالله ما زالت قدماي حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت النبي صلى الله عليه سلم حتى ربط في المسجد إلى عمود من عمده وقال والله لا أبرح مكاني حتى يتوب الله علي مما صنعت وعاهد الله لا يطأ أرض بني قريظة أبداً ولا يراني الله في بلد قد خنت الله ورسوله فيه أبداً.
فلما بلغ رسول الله ( ﷺ ) خبره وأبطأ عليه قال ( أما لو قد جاءني لاستغفرت له فأما إذا فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه، ثم إن الله أنزل توبة أبي لبابة على رسول الله ( ﷺ ) وهو في بيت أم سلمة قالت أم سلمة فسمعت رسول الله ( ﷺ ) يضحك فقلت : مم ضحكت يا رسول الله أضحك الله سنك ؟ قال : تيب على أبي لبابة.
فقلت : ألا أبشره بذلك يا رسول الله قال بلى إن شئت ) قال فقامت على باب حجرتها وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب.
فقالت : يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك.
قال : فثار الناس إليه ليطلقوه فقال لا والله حتى يكون رسول الله هو الذين يطلقني بيده فلما مر عليه خارجاً إلى الصبح أطلقه.
قال : ثم إن ثعلبة بن سعيد وأسيد بن سعيد وأسيد بن عبيد وهم نفر من بني هذيل ليسوا من قريظة ولا النضير نسبهم من فوق ذلك هم بنو عم القوم أسلموا تلك الليلة التي نزلت فيها بنو قريظة على حكم رسول الله ( ﷺ ).
وخرج في تلك الليلة عمرو بن السعدي القرظي فمر بحرس رسول الله ( ﷺ ) وعليهم محمد بن مسلمة الأنصاري تلك الليلة، فلما رآه قال : من هذا قال : عمرو بن السعدي كان عمرو قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله ( ﷺ ) وقال لا أغدر بمحمد ( ﷺ ) أبداً فقال محمد بن مسلمة اللهم لا تحرمني من عثرات الكرام، فخلى سبيله فخرج على وجهه حتى بات في مسجد رسول الله ( ﷺ ) في المدينة تلك الليلة ثم ذهب فلا يدري أين ذهب من أرض الله فذكر لرسول الله ( ﷺ ) شأنه فقال ( ذاك رجل نجاه الله بوفائه ) ؛ وبعض الناس يزعم أنه كان أوثق برمة فيمن أوثق من بني قريظة حين نزلوا على حكم رسول الله ( ﷺ ) فأصبحت برمته ملقاة ولا يدري أين ذهب.
فقال : فيه رسول الله ( ﷺ ) تلك المقالة فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله ( ﷺ ) فتواثب الأوس وقالوا يا رسول الله إنهم موالينا دون الخزرج وقد فعلت في موالي الخزرج بالأمس ما قد علمت.
وقد كان رسول الله صلى الله


الصفحة التالية
Icon