صفحة رقم ٢٥٦
فقال تعالى ) لا يحل لك النساء من بعد ( ) م ) عن جابر بن عبد الله قال :( دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله ( ﷺ ) فوجد الناس جلوساً ببابه لم يؤذن لأحد منهم، فأذن لأبي بكر فدخل، ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له فوجد رسول الله صلى الله عليه سلم جالساً وحوله نساؤه واجماً ساكتاً.
فقال : لأقولن شيئاً أضحك به النبي ( ﷺ ) فقلت : يا رسول الله لقد رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها فضحك النبي ( ﷺ ) فقال هن حولي كما ترى يسألنني النفقة فقام أبو بكر إلى عائشة فوجأ عنقها وقام عمر إلى حفصة فوجأ عنقها كلاهما يقول : تسألن رسول الله ( ﷺ ) ما ليس عنده قلن والله لا نسأل رسول الله ( ﷺ ) شيئاً أبداً ليس عنده ثم اعتزلهن شهراً أو تسعاً وعشرين حتى نزلت هذه الآية ) يا أيها النبي قلت لأزواجك إن كنتن ( حتى بلغ :( للمحسنات منكن أجراً عظيماً ( قال : فبدأ بعائشة فقال : يا عائشة إني أريد أن أعرض عليك أمراً أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك قالت : وما هو يا رسول الله ( ﷺ ) فتلا عليها الآية قالت أفيك يا رسول الله أستشير أبوي بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت : قال : لا تسألني امرأة منهن إلى أخبرتها إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلماً مبشراً ) قوله واجماً أي مهتماً، والواجم الذي أسكته الهم وعلته الكآبة وقيل الوجوم الحزن.
قولهم فوجأت عنقها أي دققته وقوله لم يبعني معنتاً العنت المشقة والصعوبة ( م ) عن الزهري أن النبي ( ﷺ ) أقسم أن لا يدخل على أزواجه شهراً قال الزهري فأخبرني عروة عن عائشة قالت :( لما مضت تسع وعشرون ليلة أعدهن دخل علي رسول الله ( ﷺ ) بدأ بي فقلت : يا رسول الله، أقسمت أن لا تدخل علينا شهراً وإنك دخلت من تسع وعشرين ؛ أعدهن قال : إن الشهر تسع وعشرين ).

فصل في حكم الآية


اختلف العلماء في هذا الخيار هل كان ذلك تفويض الطلاق إليهن، حتى يقع بنفس الاختيار أم لا فذهب الحسن وقتادة وأكثر أهل العلم، إلى أنه لم يكن تفويض الطلاق وإنما خيرهن على أنهن إذ اخترن الدنيا فارقهن لقوله تعالى ) فتعالين أمتعكن وأسرحكن ( بدليل أنه لم يكن جوابهن على الفور، وأنه قال لعائشة :( لا تعجلي حتى تستشيري أبويك ) وفي تفويض الطلاق يكون الجواب على الفور، وذهب قوم إلى أنه كان تفويض الطلاق ولو اخترن أنفسهن كان طلاقاً.
التفريع على حكم الآية اختلف أهل العلم في حكم التخيير، فقال عمر وابن مسعود، وابن عباس : إذا خير الرجل امرأته فاختارت زوجها لا يقع شيء وإن اختارت نفسها يقع طلقة واحدة، وهو قول


الصفحة التالية
Icon