صفحة رقم ٢٩٥
الخصلة فقال تعالى ) أن تقوموا لله ( أي لأجل الله ) مثنى ( أي اثنين ) وفرادى ( أي واحداً واحداً ) ثم تتفكروا ( أي تجتعوا جميعاً فتنظروا وتتحاوروا وتتفكروا في حال محمد ( ﷺ ) فتعلموا أن ) ما بصاحبكم من جنة ( ومعنى الآية إنما أعظكم بواحدة إن فعلتموها أصبتم الحق وتخلصتم وهي أن تقوموا لله وليس المراد به القيام على القدمين ولكن هو الانتصاب في الأمر والنهوض فيه بالهمة فتقوموا لوجه الله خالصاً ثم تتفكروا في أمر محمد ( ﷺ ) وما جاء به أمان الاثنان فيتفكران، ويعرض كل منهما محصول فكره على صاحبه لينظرا فيه نظر متصادقين متناصفين لا يميل بهما اتباع الهوى وأما الفرد فيفكر في نفسه أيضاً بعدل ونصفة هل رأينا في هذا الرجل جنوناً قط أو جربنا عليه كذباً قط وقد علمتم أن محمداً ( ﷺ ) ما به من جنة بل قد علمتم أنه من أرجح قريش عقلاً وأوزنهم حلماً وأحدهم ذهناً وأرصنهم رأياً وأصدقهم قولاً وأزكاهم نفساً، وأجمعهم لما يحمد عليه الرجال ويمدحونه به وإذا علمتم ذلك كفاكم أن تطالبوه بآية وإذا جاء بها تبين أنه نبي نذير مبين صادق فيما جاء به وقيل : تم الكلام عند قوله : تتفكروا أي في السموات والأرض فتعلموا أنه خالقها واحد لا شريك له ثم ابتدأ فقال ما بصاحبكم من جنة ) إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد قل ما سألتكم ( أي على تبليغ الرسالة ) من أجر ( أي جعل ) فهل لكم ( أي لم أسألكم شيئاً ) إن أجري ( أي ثوابي ) إلا على الله وهو على كل شيء شهيد قل إن ربي يقذف بالحق ( أي يأتي بالوحي من السماء فيقذفه إلى الأنبياء ) علام الغيوب ( أي خفيات الأمور ) قل جاء الحق ( أي القرآن والإسلام ) وما يبدىء الباطل وما يعيد ( أي ذهب الباطل وزهق فلم تبق منه بقية تبدىء شيئاً أو تعيده وقيل الباطل هو إبليس والمعنى لا يخلق إبليس أحداً ابتداء ولا يبعثه إذا مات وقيل الباطل الأصنام.
سبأ :( ٥٠ - ٥٤ ) قل إن ضللت...
" قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب " ( ) قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي ( وذلك أن كفار مكة كانوا يقولون له إنك قد ضللت حين تركت دين آبائك فقال الله تعالى قل إن ضللت فيما تزعمون أنتم فإنما أضل على نفسي أي إثم ضلالتى على نفسي ) وإن اهتديت فبما يوحي إليَّ ربي ( أي في القرآن والحكمة ) إنه سميع قريب ( قوله عز وجل ) ولو ترى ( أي يا محمد ) إذ فزعوا ( أي عند البعث أي حين يخرجون من قبورهم وقيل عند الموت ) فلا فوت ( أي لا يفوتوننا ولا نجاة لهم ) وأخذوا من مكان قريب ( قيل من تحت أقدامهم، وقيل أخذوا من بطن الأرض إلى ظهرها حيثما كانوا فإنهم من الله قريب لا يفوتونه، ولا يعجزونه وقيل : من مكان قريب يعني عذاب الدنيا وهو القتل


الصفحة التالية
Icon