صفحة رقم ٣٠٦
أحد سواه ) إنه كان حليماً غفوراً ( يعني غير معاجل بالعقوبة حيث أمسكهما وكانتا قد همتا بعقوبة الكفار لولا حلمه وغفرانه ) وأقسموا بالله جهد أيمانهم ( يعني كفار مكة وذلك لما بلغهم أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم قالوا لعن الله اليهود والنصارى أتتهم الرسل فكذبوهم وأقسموا بالله لو جاءنا نذير لنكونن أهدى ديناً منهم وذلك قبل مبعث النبي ( ﷺ ) فلما بعث محمد كذبوه فأنزل الله هذه الآية ) وأقسموا بالله جهد أيمانهم ( ) لئن جاءهم نذير ( يعني رسول ) ليكونن أهدى من إحدى الأمم ( يعني اليهود والنصارى ) فلما جاءهم نذير ( يعني محمداً ( ﷺ ) ) ما زادهم ( مجيئه ) إلا نفوراً ( يعني تباعدا عن الهدى ) استكباراً في الأرض ( يعني عتواً وتكبراً عن الإيمان به ) ومكر السيىء ( يعني عمل القبيح وهو اجتماعهم على الشرك وقيل هو مكرهم برسول الله ( ﷺ ) ) ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله ( يعني لا يحل ولا يحيط إلا بأهله فقتلوا يوم بدر قال ابن عباس عاقبة الشرك لا تحل إلا بمن أشرك ) فهل ينظرون ( أي ينظرون ) إلا سنة الأولين ( يعني أن ينزل العذاب بهم كما نزل بمن مضى من الكفار ) فلن تجد لسنة الله تبديلاً ( أي تغييراً ) ولن تجد لسنة الله تحويلاً ( أي تحويل العذاب عنهم إلى غيرهم.
فاطر :( ٤٤ - ٤٥ ) أو لم يسيروا...
" أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا " ( ) أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين قبلهم ( معناه أنهم يعتبرون بمن مضى وبآثارهم وعلامات هلاكهم ) وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه ( أي ليفوت عنه ) من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ( أي من الجرائم ) ما ترك على ظهرها ( أي ظهر الأرض ) دابة ( أي من نسمة تدب عليها يريد بني آدم وغيرهم كما أهلك من كان في زمن نوح بالطوفان إلا من كان في السفينة ) ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى ( يعني يوم القيامة ) فإذا جاء أجلهم فان الله كان بعباده بصيراً ( قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يريد أهل طاعته وأهل معصيته وقيل بصيراً بمن يستحق العقوبة وبمن يستحق الكرامة والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه.
تم الجزء الخامس من تفسير الخازن
ويليه الجزء السادس وأوله سورة يس عليه الصلاة والسلام.