صفحة رقم ٣٨
) كلما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضاً ( يعني بالهلاك فأهلكنا بعضهم في أثر بعض ) وجعلناهم أحاديث ( يعني سمراً وقصصاً يتحدث من بعدهم بأمرهم وشأنهم ) فبعداً لقوم لا يؤمنون (.
المؤمنون :( ٤٥ - ٦٠ ) ثم أرسلنا موسى...
" ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون فكذبوهما فكانوا من المهلكين ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون فذرهم في غمرتهم حتى حين أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بآيات ربهم يؤمنون والذين هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون " ( قوله تعالى :( ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين ( يعني بحجة بينة كالعصا واليد وغيرهما ) إلى فرعون وملئه فاستكبروا ( يعني تعظموا عن الإيمان ) وكانوا قوماً عالين ( يعني متكبرين قاهرين غيرهم بالظلم ) قالوا ( يعني فرعون وقومه ) أنؤمن لبشرين مثلنا ( يعنون موسى وهارون ) وقومهما لنا عابدون ( يعني مطيعون متذللون ) فكذبوهما فكانوا من المهلكين ( يعني بالغرق ) ولقد آتينا موسى الكتاب ( يعني التوراة ) لعلهم يهتدون ( يعني لكي يهتدي به قومه.
قوله عزّ وجلّ ) وجعلنا ابن مريم وأمه آية ( يعني دلالة على قدرتنا لأنه خلقه من غير ذكر وأنطقه في المهد.
فإن قلت لم قال آية ولم يقل آيتين.
قلت معناه جعلنا شأنهما آية لأن عيسى ولد من غير ذكر وكذلك مريم ولدته من غير ذكر فاشتركا في هذه الآية فكانت آية واحدة ) وآويناهما إلى ربوة ( يعني مكان مرتفع قيل هي دمشق وقيل هي الرملة وقيل أرض فلسطين وقال ابن عباس هي بيت المقدس.
قال كعب بيت المقدس أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً.
وقيل هي مصر وسبب الأيواء أنها فرت بابنها إليها.
وقوله ) ذات قرار ( يعني منبسطة واسعة يستقر عليها ساكنوها ) معين ( هو الماء الجاري الذي تراه العيون.
قوله تعالى ) يا أيها الرسل كلوا من الطيبات ( قيل أراد بالرسل محمداً ( ﷺ ) وحده وقيل أراد به عيسى عليه السلام وقيل أراد جميع الرسل وأراد بالطيبات الحلال ) واعملوا صالحاً ( أي استقيموا على ما يوجبه الشرع ) إني بما تعملون عليم ( فيه تحذير من مخالفة ما أمرهم به وإذا كان الرسل مع علو شأنهم كذلك فلأن يكون تحذيراً لغيرهم أولى لما روي عن أبي هريرة أنّ رسول الله ( ﷺ ) قال :( إنّ الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال ) يا أيها الرسل كلوا من الطيبات ( وقال ) يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ( ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه


الصفحة التالية
Icon