صفحة رقم ٨٢
حاجته إلى الماء، فإذا شاهد السراب في البر تعلق قلبه به فإذا جاءه لم يجده شيئاً فكذلك حال الكافر يحسب أن عمله، نافعه فإذا احتاج إلى عمله لم يجده أغنى عنه شيئاً ولا نفعه ) ووجد الله عنده ( أي وجد الله بالمرصاد وقيل : قدم على الله ) فوفاه حسابه ( أي جزاء عمله ) والله سريع الحساب ( معناه أنه عالم بجميع المعلومات فلا تشغله محاسبة واحد عن واحد.
ثم ضرب للكفار مثلاً آخر فقال تعالى ) أو كظلمات ( أعلم الله سبحانه وتعالى أن أعمال الكفار إن كانت حسنة، فهي كسراب بقيعة وإن كانت قبيحة فهي كظلمات، وقيل : معناه إن مثل أعمالهم في فسادها، وجهالتهم فيها كظلمات ) في بحر لجي ( أي عميق كثير الماء ولجة البحر معظمه ) يغشاه ( أي يعلوه ) موج من فوقه موج ( أي متراكم ) من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض ( معناه أن البحر اللجي يكون قعره مظلماً جداً بسبب غموره الماء، فإذا ترادفت الأمواج ازدادت الظلمة فإذا كان فوق الأمواج سحاب بلغت الظلمة النهاية القصوى ) إذا أخرج يده لم يكد يراها ( أي لم يقرب أن يراها لشدة الظلمة وقيل : معناه لم يرها إلا بعد الجهد وقيل : لما كانت اليد من أقرب شيء يراه الإنسان قال : لم يكد يراها، ووجه التشبيه أن الله ذكر ثلاثة أنواع من الظلمات : ظلمة البحر وظلمة الأمواج وظلمة السحاب، وكذلك الكافر له ثلاث ظلمات ظلمة الإعتقاد وظلمة القول وظلمة العمل وقيل : شبه بالبحر اللجي قلبه، وبالموج ما يتغشى قلبه من الجهل والشك والحيرة، وبالسحاب الختم والطبع على قلبه.
قال أبيّ بن كعب : الكافر يتقلب في خمس من الظلم كلامه ظلمة وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة ومخرجه ظلمة، ومصيره إلى الظلمات يوم القيامة في النار ) ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور ( قال ابن عباس من لم يجعل الله له ديناً وإيماناً، فلا دين له وقيل من لم يهده الله فلا هادي له قيل نزلت هذه الآية في عتبة بن ربيعة بن أمية، كان يلتمس الدين في الجاهلية ولبس المسوح فلما جاء الإسلام كفر وعاند، والأصح أن الآية عامة في حق جميع الكفار.
النور :( ٤١ - ٤٥ ) ألم تر أن...
" ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير " ( قوله عزّ وجلّ :( ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات ( أي باسطات أجنحتهن في الهواء قيل خص الطير بالذكر من جملة الحيوان لأنها تكون بين السماء والأرض، فتكون خارجة عن حكم من في السموات والأرض ) كل قد علم صلاته وتسبيحه ( قيل : الصلاة لبني آدم والتسبيح لسائر الخلق وقيل إن ضرب أجنحة الطير