صفحة رقم ١١٣
على كل شيء قدير إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم " ( ) ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير ( قوله تعالى :( إن الذين يلحدون ( أي يميلون عن الحق ) في آياتنا ( أي في أدلتنا قيل بالمكاء والتصدية واللغو واللغط وقيل يكذبون بآياتنا ويعاندون ويشاقون ) لا يخفون علينا ( تهديد ووعيد قيل نزلت في أبي جهل ) أفمن يلقى في النار ( هو أبو جهل ) خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة ( المعنى الذين يلحدون في آياتنا يلقون في النار والذين يؤمنون بآياتنا آمنون يوم القيامة قيل هو حمزة وقيل عثمان وقيل عمار بن ياسر ) اعملوا ما شئتم ( أمر تهديد ووعيد ) إنه بما تعملون بصير ( أي إنه عالم بأعمالكم فيجازيكم عليها ) إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم ( يعني القرآن وفي جواب إن وجهان أحدهما أنه محذوف تقديره إن الذين كفروا بالذكر يجازون بكفرهم، والثاني جوابه أولئك ينادون من مكان بعيد ثم أخذ في وصف الذكر فقال تعالى :( وإنه لكتاب عزيز ( قال ابن عباس : كريم على الله تعالى، وقيل : العزيز العديم النظير وذلك أن الخلق عجزوا عن معارضته وقيل أعزه الله بمعنى منعه فلا يجد الباطل إليه سبيلاً وهو قوله تعالى ) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ( قيل الباطل هو الشيطان فلا يستطيع أن يغيره وقيل إنه محفوظ من أن ينقص منه فيأتيه الباطل من بين يديه أو يزاد فيأتيه الباطل من خلفه فعلى هذا يكون معنى الباطل الزيادة والنقصان وقيل لا يأتيه التكذيب من الكتب التي قبله ولا يجيء بعده كتاب فيبطله وقيل معناه أن الباطل لا يتطرق إليه ولا يجد إليه سبيلاً من جهة من الجهات حتى يصل إليه وقيل : لا يأتيه الباطل عما أخبر فيما تقدم من الزمان ولا فيما تأخر ) تنزيل من حكيم ( أي في جميع أفعاله ) حميد ( أي إلى جميع خلقه بسبب نعمه عليهم ثم عزى الله تعالى نبيه ( ﷺ ) على تكذيبهم إياه فقال عز وجل :( ما يقال لك ( أي من الأذى والتكذيب ) إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ( يعني أنه قد قيل للأنبياء قبلك ساحر كما يقال لك وكذبوا كما كذبت ) إن ربك لذو مغفرة ( أي لمن تاب وآمن بك ) وذو عقاب أليم ( أي لمن أصر على التكذيب.
فصلت :( ٤٤ - ٤٧ ) ولو جعلناه قرآنا...
" ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منا من شهيد " ( قوله عز وجل :( ولو جعلناه ( أي هذا الكتاب الذي تقرأه على الناس ) قرآناً أعجمياً ( يعني بغير لغة العرب ) لقالوا لولا فصلت آياته ( يعني هلا بينت آياته بالعربية حتى نفهمها ) أأعجمي وعربي ( يعني أكتاب أعجمي ورسول عربي وهذا استفهام إنكار والمعنى لو نزل الكتاب بلغة العجم لقالوا كيف يكون المنزل عليه عربياً والمنزل أعجمياً، وقيل في معنى الآية : أنا لو أنزلنا هذا القرآن بلغة العجم لكان لهم أن يقولوا كيف أنزلنا الكلام العجمي إلى القوم العرب ولصح قولهم أن يقولوا قلوبنا في أكنة وفي آذاننا وقر لأنا لا نفهمه ولا نحيط بمعناه، وأنا لما أنزلنا هذا القرآن بلغة العرب وهم يفهمونه فكيف يمكنهم أن يقولوا قلوبنا في أكنة وفي آذاننا وقر وقيل إن رسول الله ( ﷺ ) كان يدخل على يسار غلام عامر بن الحضرمي وكان يهودياً