صفحة رقم ١١٨
الريب وقيل علمه إلى الله وقيل تحاكموا فيه إلى رسول الله ( ﷺ ) لأن حكمه من حكم الله تعالى ولا تؤثروا حكومة غيره على حكومته ) ذلكم الله ( يعني الذي يحكم بين المختلفين هو الله ) ربي عليه توكلت ( يعني في جميع أموري ) وإليه أنيب ( يعني وإليه أرجع في كل المهمات ) فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم ( يعني من جنسكم ) أزواجاً ( يعني حلائل، وإنما قال من أنفسكم لأن الله تعالى خلق حواء من ضلع آدم ) ومن الأنعام أزواجاً ( يعني أصنافاً ذكراناً وإناثاً ) يذرؤكم ( يعني يخلقكم وقيل يكثركم ) فيه ( يعني في الرحم وقيل في البطن لأنه قد تقدم ذكر الأزواج وقيل نسلاً بعد نسل حتى كان بين ذكورهم وإناثهم التوالد والتناسل وقيل الضمير في يذرؤكم يرجع إلى المخاطب من الناس والأنعام إلا أنه غلب جانب الناس وهم العقلاء على غير العقلاء من الأنعام، وقيل في بمعنى الباء أي يذرؤكم به أي يكثركم بالتزويج ) ليس كمثله شيء ( المثل صلة أي ليس كهو شيء وقيل الكاف صلة مجازه ليس مثله شيء، قال ابن عباس : ليس له نظير.
فإن قلت هذه الآية دالة على نفي المثل وقوله تعالى :( وله المثل الأعلى في السموات والأرض ( يقتضي إثبات المثل فما الفرق.
قلت المثل الذي يكون مساوياً في بعض الصفات الخارجية على الماهية فقوله ليس كمثله شيء معناه ليس له نظير، كما قاله ابن عباس أو يكون معناه ليس لذاته سبحانه وتعالى مثل وقوله ) وله المثل الأعلى ( معناه وله الوصف الأعلى الذي ليس لغيره مثله ولا يشاركه فيه أحد فقد ظهر بهذا التفسير معنى الآيتين وحصل الفرق بينهما ) وهو السميع ( يعني لسائر المسموعات ) البصير ( يعني المبصرات.
الشورى :( ١٢ - ١٥ ) له مقاليد السماوات...
" له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير " ( ) له مقاليد السموات والأرض ( يعني مفاتيح الرزق في السموات يعني المطر وفي الأرض يعني النبات يدل عليه قوله تعالى :( يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ( أي أنه يوسع على من يشاء ويضيق على من يشاء لأن مفاتيح الرزق بيده ) إنه بكل شيء عليم ( أي من البسط والتضييق.
قوله عز وجل :( شرع لكم من الدين ( أي ما بين وسن لكم طريقاً واضحاً من الدين، أي ديناً تطابقت على صحته الأنبياء وهو قوله تعالى :( ما وصى به نوحاً ( أي أنه أول الأنبياء أصحاب الشرائع والمعنى قد وصيناه وإياك يا محمد ديناً واحداً ) والذي أوحينا إليك ( أي من القرآن وشرائع الإسلام ) وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى ( إنما خص هؤلاء الأنبياء الخمسة بالذكر لأنهم أكابر الأنبياء وأصحاب الشرائع المعظمة والأتباع الكثيرة وأولو العزم.
ثم فسر المشروع الذي اشترك فيه هؤلاء الأعلام من رسله بقوله تعالى :( أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ( والمراد بإقامة الدين هو توحيد الله والإيمان به وبكتبه ورسله واليوم الآخر وطاعة الله في أوامره ونواهيه وسائر ما يكون الرجل به مسلماً، ولم يرد الشرائع التي هي مصالح الأمم على حسب أحوالها فإنها مختلفة متفاوتة قال الله تعالى :( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ( " وقيل أراد تحليل الحلال وتحريم الحرام، وقيل تحريم الأمهات والبنات والأخوات فإنه مجمع على تحريمهن، وقيل لم يبعث الله نبياً إلا وصاه بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والإقرار لله تعالى بالوحدانية والطاعة وقيل بعث الله الأنبياء كلهم بإقامة


الصفحة التالية
Icon