صفحة رقم ١٢٠
أنزل الكتاب بالحق ( أي الكتاب المشتمل على أنواع الدلائل والأحكام ) والميزان ( أي العدل سمي العدل ميزاناً لأن الميزان آلة الإنصاف والتسوية، قال ابن عباس رضي الله عنهما : أمر الله تعالى بالوفاء ونهى عن البخس ) وما يدريك لعل الساعة قريب ( أي وقت إتيانها قريب وذلك أن النبي ( ﷺ ) ذكر الساعة وعنده قوم من المشركين فقالوا تكذيباً له متى تكون الساعة فأنزل الله تعالى :( يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها ( أي ظناً منهم أنها غير آتية ) والذين آمنوا مشفقون ( أي خائفون ) منها ويعلمون أنها الحق ( أي أنها آتية لا شك فيها ) ألا إن الذين يمارون ( أي يخاصمون ) في الساعة ( وقيل يشكون فيها ) لفي ضلال بعيد (
الشورى :( ١٩ - ٢٣ ) الله لطيف بعباده...
" الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور " ( ) الله لطيف بعباده ( أي كثير الإحسان إليهم، قال ابن عباس : حفي بهم وقيل رفيق وقيل لطيف بالبر والفاجر حيث لم يهلكهم جوعاً بمعاصيهم يدل عليه قوله تعالى :( يرزق من يشاء ( يعني أن الإحسان والبر إنعام في حق كل العباد وهو إعطاء ما لا بد منه فكل من رزقه الله تعالى من مؤمن وكافر وذي روح فهو ممن يشاء الله أن يزرقه، وقيل لطفه في الرزق من وجهين أحدهما أنه جعل رزقكم من الطيبات والثاني أنه لم يدفعه إليكم مرة واحدة ) وهو القوي ( أي القادر على كل ما يشاء ) العزيز ( أي الذي لا يغالب ولا يدافع ) من كان يريد حرث الآخرة ( أي كسب الآخرة والمعنى من كان يريد بعمله الآخرة ) نزد له في حرثه ( أي بالتضعيف الواحدة إلى عشرة إلى ما يشاء الله تعالى من الزيادة، وقيل إنا نزيد في توفيقه وإعانته وتسهيل سبيل الخيرات والطاعة إليه ) ومن كان يريد حرث الدنيا ( يعني يريد بعمله الدنيا مؤثراً لها على الآخرة ) نؤته منها ( أي ما قدر وقسم له منها ) وما له في الآخرة من نصيب ( يعني لأنه لم يعمل لها، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال قال : رسول الله ( ﷺ ) ( بشر هذه الأمة بالسنا والرفعة والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب ) ذكره في جامع الأصول ولم يعزه إلى أحد من الكتب الستة وأخرجه البغوي بإسناده.
قوله تعالى :( أم لهم ( يعني كفار مكة ) شركاء ( يعني الأصنام وقيل الشياطين ) شرعوا لهم من الدين ( قال ابن عباس شرعوا لهم غير دين الإسلام ) ما لم يأذن به الله ( يعني أن تلك الشرائع بأسرها على خلاف دين الله تعالى الذي أمر به وذلك أنهم زينوا لهم الشرك وإنكار البعث