صفحة رقم ١٢٧
يكظمون الغيظ ويجهلون ) والذين استجابوا لربهم ( يعني أجابوا إلى ما دعاهم إليه من طاعته ) وأقاموا الصلاة ( يعني المفروضة ) وأمرهم شورى بينهم ( يعني يتشاورون فيما يبدو لهم ولا يعجلون ولا ينفردون برأي ما لم يجتمعوا عليه قيل.
ما تشاور قوم إلا هدوا إلى أرشد أمرهم ) ومما رزقناهم ينفقون والذين إذا أصابهم البغي ( يعني الظلم والعدوان ) هم ينتصرون ( يعني ينتقمون من ظالمهم من غير تعد قال ابن زيد جعل الله تعالى المؤمنين صنفين صنف يعفون عمن ظلمهم فبدأ بذكرهم وهو قوله تعالى :( وإذا ما غضبوا هم يغفرون ( وصنف ينتصرون من ظالمهم وهم الذين ذكروا في هذه الآية، وقال إبراهيم النخعي : كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فإذا قدروا عفوا.
وقيل : إن العفو إغراء للسفيه وقال عطاء : هم المؤمنون الذين أخرجهم الكفار من مكة وبغوا عليهم ثم مكنهم الله عز وجل في الأرض حتى انتصروا ممن ظلمهم ثم بين الله تعالى أن شرعة الانتصار مشروطة برعاية المماثلة
الشورى :( ٤٠ - ٤٤ ) وجزاء سيئة سيئة...
" وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل " ( ) وجزاء سيئة سيئة مثلها ( سمي الجزاء سيئة وإن لم يكن سيئة لتشابههما في الصورة وقيل لأن الجزاء يسوء من ينزل به، وقيل هو جزاء القبيح إذا قال أخزاك الله فقل له أخزاك الله ولا تزد وإذا شتمك فاشتمه بمثلها ولا تعتدوا وقيل هو في القصاص في الجراحات والدماء يقتص بمثل ما جنى عليه وقيل إن الله تعالى لم يرغب في الانتصار بل بين أنه مشروع ثم بين أن العفو أولى بقوله تعالى :( فمن عفا ( أي عمن ظلمه ) وأصلح ( أي بالعفو بينه وبين الظالم ) فأجره على الله ( قال الحسن : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من كان له على الله أجر فليقم فلا يقوم إلا من عفا ثم قرأ هذه الآية ) إنه لا يحب الظالمين ( قال ابن عباس : الذين يبدؤون بالظلم ) ولمن انتصر بعد ظلمه ( أي بعد ظلم الظالم إياه ) فأولئك ( يعني المنتصرين ) ما عليهم من سبيل ( أي بعقوبة ومؤاخذة ) إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ( أي يبدؤون بالظالم ) ويبغون في الأرض بغير الحق ( أي يعملون فيها بالمعاصي ) أولئك لهم عذاب أليم ولمن صبر ( أي لم ينتصر ) وغفر ( تجاوز عن ظالمه ) إن ذلك ( أي الصبر والتجاوز ) لمن عزم الأمور ( يعني تركه الانتصار لمن عزم الأمور الجيدة التي أمر الله عز وجل بها وقيل إن الصابر يؤتي بصبره الثواب فالرغبة في الثواب أتم عزماً ) ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده ( يعني ما له من أحد يلي هدايته بعد إضلال الله إياه أو يمنعه من عذابه ) وترى الظالمين لما رأوا العذاب ( يعني يوم القيامة ) يقولون هل إلى مرد من سبيل ( يعني أنهم يسألون