صفحة رقم ١٣٤
الوليد بن المغيرة من مكة ومن الطائف حبيب بن عمير الثقفي قال الله تعالى رداً عليهم.
) أهم يقسمون رحمة ربك (
الزخرف :( ٣٢ - ٣٥ ) أهم يقسمون رحمة...
" أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكؤون وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين " ( ) أهم يقسمون رحمة ربك ( معناه أبأيديهم مفاتيح الرسالة فيضعوها حيث شاؤوا وفيه الإنكار الدال على تجهيلهم والتعجب من اعتراضهم وتحكمهم وأن يكونوا هم المدبرين لأمر النبوة ثم ضرب لهذا مثلاً فقال تعالى :( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ( أي نحن أوقعنا هذا التفاوت بين العباد فجعلنا هذا غنياً وهذا فقيراً وهذا مالكاً وهذا مملوكاً وهذا قوياً وهذا ضعيفاً ثم إن أحداً من الخلق لم يقدر على تغيير حكمنا ولا على الخروج عن قضائنا فإذا عجزوا عن الاعتراض في حكمنا في أحوال الدنيا مع قلتها وذلتها فكيف يقدرون على الاعتراض على حكمنا في تخصيص بعض عبادنا بمنصب النبوة والرسالة والمعنى كما فضلنا بعضهم على بعض كما شئنا كذلك اصطفينا بالرسالة من شئنا ثم قال تعالى :( ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ( يعني لو أننا سوينا بينهم في كل الأحوال لم يخدم أحد أحداً ولم يصر أحد منهم مسخراً لغيره، وحينئذ يقضي ذلك إلى خراب العالم وفساد حال الدنيا ولكنا فعلنا ذلك ليستخدم بعضهم بعضاً فتسخر الأغنياء بأموالهم الأجراء الفقراء بالعمل فيكون بعضهم لبعض سبب المعاش فهذا بماله وهذا بعمله فيلتئم قوام العالم وقيل يملك بعضهم بما له بعضاً بالملك ) ورحمة ربك ( يعني الجنة ) خير ( يعني للمؤمنين ) مما يجمعون ( أي يجمع الكفار من الأموال لأن الدنيا على شرف الزوال والانقراض وفضل الله ورحمته يبقى أبد الآبدين.
قوله عز وجل :( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة ( أي لولا أن يصيروا كلهم كفاراً فيجتمعون على الكفر ويرغبون فيه إذا رأوا الكفار في سعة من الخير والرزق لأعطيت الكفار أكثر الأسباب المفيدة للتنعم وهو قوله تعالى :( لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج ( يعني مصاعد ودرجات من فضة ) عليها يظهرون ( يصعدون ويرتقون عليها ) ولبيوتهم أبواباً ( أي من فضة ) وسرراً ( أي ولجعلنا لهم سرراً من فضة ) عليها يتكئون وزخرفاً ( أي ولجعلنا من ذلك زخرفاً وهو الذهب وقيل الزخرف الزينة من كل شيء ) وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا ( يعني أن الإنسان يستمتع بذلك قليلاً ثم ينقضي لأن الدنيا سريعة الزوال والذهاب ) والآخرة عند ربك للمتقين ( يعني الجنة خاصة للمتقين الذين تركوا الدنيا.
عن سهل بن سعد قال قال رسول الله ( ﷺ ) ( لو كانت الدنيا عند الله تزن جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء ) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب.