صفحة رقم ١٥٠
في الدنيا إلا وقيل إلا بمعنى لكن، وتقديره ليذوقون فيها الموت لكن الموتة الأولى قد ذاقوها وقيل إنما استثنى الموتة من موت الجنة لأن السعداء حين يموتون يصيرون بلطف الله إلى أسباب الجنة يلقون الروح والريحان ويرون منازلهم في الجنة فكان موتهم في الدنيا كأنه في الجنة لاتصالهم بأسبابها ومشاهدتهم إياها ) ووقاهم عذاب الجحيم (.
الدخان :( ٥٧ - ٥٩ ) فضلا من ربك...
" فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون فارتقب إنهم مرتقبون " ( ) فضلاً من ربك ( يعني كل ما وصل إليه المتقون من الخلاص من عذاب النار والفوز بالجنة إنما حصل لهم ذلك بفضل الله تعالى وفعل ذلك بهم تفضلاً منه ) ذلك هو الفوز العظيم فإنما يسرناه بلسانك ( أي سهلنا القرآن على لسانك كناية عن غير مذكور ) لعلهم يتذكرون ( أي يتعظون ) فارتقب ( أي فانتظر النصر من ربك وقيل انتظر لهم العذاب ) إنهم مرتقبون ( أي منتظرون قهرك بزعمهم وقيل منتظرون موتك قيل هذه الآية منسوخة بآية السيف عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك ) أخرجه الترمذي وقال حديث غريب وعمر بن خثعم أحد رواته وهو ضعيف، وقال البخاري : هو منكر الحديث وعنه قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة غفر له ) أخرجه الترمذي وقال هشام أبو المقداد أحد رواته ضعيف والله أعلم.
سورة الجاثية
( تفسير سورة الجاثية وتسمى سورة الشريعة مكية وهي سبع وثلاثون آية وأربعمائة وثمان وثمانون كلمة وألفان ومائة وأحد وتسعون حرفاً ) ( بسم الله الرحمن الرحيم ) )
الجاثية :( ١ - ٤ ) حم
" حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون " ( قوله عز وجل :( حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إن في السموات والأرض ( أي إن في خلق السموات والأرض وهما خلقان عظيمان يدلان على قدرة القادر المختار وهو قوله ) لآيات للمؤمنين وفي خلقكم ( أي وخلق أنفسكم من تراب ثم من نطفة إلى أن يصير إنساناً ذا عقل وتمييز ) وما يبث من دابة ( أي وما يفرق في الأرض من جميع الحيوانات على اختلاف أجناسها في الخلق والشكل والصورة ) آيات ( دلالات تدل على وحدانية من خلقها وأنه الإله القادر المختار ) لقوم يوقنون ( يعني أنه لا إله غيره.
الجاثية :( ٥ - ١١ ) واختلاف الليل والنهار...
" واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين من ورائهم جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ولهم عذاب عظيم هذا هدى والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم " ( ) واختلاف الليل والنهار ( يعني بالظلام والضياء والطول والقصر ) وما أنزل الله من السماء من رزق ( يعني المطر الذي هو سبب أرزاق العباد ) فأحيا به ( أي بالمطر ) الأرض بعد موتها ( أي بعد يبسها ) وتصريف الرياح ( أي في مهابها فمنها الصبا والدبور والشمال والجنوب ومنها الحارة والباردة وغير ذلك ) آيات لقوم يعقلون (.
فإن قلت ما وجه هذا الترتيب في قوله ) لآيات للمؤمنين ( و ) لقوم يوقنون ( ) ويعقلون (.
قلت معناه إن المنصفين من العباد إذا نظروا في هذه الدلائل النظر الصحيح علموا أنها مصنوعة