صفحة رقم ١٥٣
اتخذ دينه ما يهواه فلا يهوى شيئاً إلا ركبه لأنه لا يؤمن بالله ولا يخافه ولا يحرم ما حرم الله وقيل معناه اتخذ معبوده ما تهواه نفسه وذلك أن العرب كانت تعبد الحجارة والذهب والفضة فإذا رأوا شيئاً أحسن من الأول رموا بالأول وكسروه وعبدوا الآخر وقيل إنما سمي هوى لأنه يهوي بصاحبه في النار ) وأضله الله على علم ( أي علماً منه بعاقبة أمره وقيل على ما سبق في علم الله أنه ضال قبل أن يخلقه ) وختم على سمعه وقلبه ( أي فلم يسمع الهدى ولم يعقله بقلبه ) وجعل على بصره غشاوة ( يعني ظلمة فهو لا يبصر الهدى ) فمن يهديه من بعد الله ( أي من بعد أن أضله الله ) أفلا تذكرون ( قال الواحدي ليس يبقى للقدرية مع هذه الآية عذر ولا حيلة لأن الله صرح بمنعه إياه عن الهدى حتى أخبر أنه ختم على سمعه وقلبه وبصره.
الجاثية :( ٢٤ - ٢٧ ) وقالوا ما هي...
" وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون ولله ملك السماوات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون " ( ) وقالوا ( يعني منكري البعث.
) ما هي إلا حياتنا الدنيا ( يعني ما الحياة إلا حياتنا الدنيا ) نموت ونحيا ( يعني يموت الآباء ويحيا الأبناء وقيل تقديره نحيا ونموت ) وما يهلكنا إلا الدهر ( يعني وما يفنينا إلا ممر الزمان واختلاف الليل والنهار ) وما لهم بذلك من علم ( يعني لم يقولوه عن علم علموه ) إن هم إلا يظنون (
( ق ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ﷺ ) قال الله عز وجل :( يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار ) وفي رواية ( يؤذيني ابن آدم يقول يا خيبة الدهر فلا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره فإذا شئت قبضتهما ) وفي رواية ( يسب ابن آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار ) ومعنى هذه الأحاديث أن العرب كان من شأنها ذم الدهر وسبه عند النوازل لأنهم كانوا ينسبون إلى الدهر ما يصيبهم من المصائب والمكاره فيقولون أصابتهم قوارع الدهر وأبادهم الدهر كما أخبر الله عز وجل عنهم بقوله ) وما يهلكنا إلا الدهر ( فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد وسبوا فاعلها كان مرجع سبهم إلى الله تعالى إذ هو الفاعل في الحقيقة للأمور التي يضيفونها إلى الدهر فنهوا عن سب الدهر قيل لهم لا تسبوا فاعل ذلك فإنه هو الله عز وجل والدهر متصرف فيه يقع به التأثير كما يقع بكم والله أعلم.
قوله تعالى :( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين ( معناه أن منكري البعث احتجوا بأن قالوا إن صح ذلك فأتوا بآبائنا الذين ماتوا


الصفحة التالية
Icon