صفحة رقم ١٦٩
فلما حضروه ( الضمير يعود إلى القرآن يعني فلما حضروا القرآن وقيل يحتمل أنه يعود على الرسول ( ﷺ ) ويكون المعنى فلما حضروا رسول الله ( ﷺ ) لأجل استماع القرآن قالوا أنصتوا ( يعني قال بعضهم لبعض اسكتوا لنسمع قراءته ولا يحول بيينا وبين سماعه شيء فأنصتوا واستمعوا القرآن حتى كاد يقع بعضهم على بعض من شدة حرصهم على سماعه ) فلما قضى ( أي فرغ من قراءته ) ولوا ( أي رجعوا ) إلى قومهم منذرين ( يعني داعين لهم إلى الإيمان مخوفين لهم من المخالفة ذلك بأمر رسول الله وذلك بعد إيمانهم لأنهم لا يدعون غيرهم إلى سماع القرآن والتصديق إلا بعد إيمانهم به وتصديقهم له )
الأحقاف :( ٣٠ - ٣٣ ) قالوا يا قومنا...
" قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير " ( ) قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً ( قال عطاء : كان دينهم اليهودية ولذلك ) قالوا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه ( يعني من الكتب الإلهية المنزلة من السماء وذلك أن كتب الأنبياء كانت مشتملة على الدعوة إلى التوحيد وتصديق الأنبياء والإيمان بالمعاد والحشر والنشر وجاء هذا الكتاب وهو القرآن المنزل على محمد ( ﷺ ) كذلك فذلك هو تصديقه لما بين يديه من الكتب ) يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ( يعني : يهدي إلى دين الحق وهو دين الإسلام ويهدي إلى طريق الجنة ) يا قومنا أجيبوا داعي الله ( يعني محمداً ( ﷺ ) لأنه لا يوصف بهذا غيره وفي الآية دليل على أنه مبعوث إلى الإنس والجن جميعاً قال مقاتل لم يبعث الله نبياً إلى الإنس والجن قبله ) وآمنوا به (.
فإن قلت قوله تعالى ) أجيبوا داعي الله ( أمر بإجابته في كل ما أمر به فيدخل فيه الأمر بالإيمان فلم أعاد ذكره بلفظ التعيين.
قلت : إنما أعاده لأن الإيمان أهم أقسام المأمور به وأشرفها فلذلك ذكره على التعيين فهو من باب ذكر العام ثم يعطف عليه أشرف أنواعه ) يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ( قال بعضهم :