صفحة رقم ١٧٤
المراد أن يمن عليهم بترك القتل ويسترقوا أو يمن عليهم فيخلوا لقبول الجزية إن كانوا من أهل الذمة ويراد بالفداء أن يفادى بأسراهم أسرى المسلمين فقد رواه الطحاوي مذهباً عن أبي حنيفة والمشهور عنه أنه لا يرى فداءهم لا بمال ولا بغيره خيفة أن يعودوا حرباً للمسلمين وذهب أكثر العلماء إلى أن الآية محكمة والإمام بالخيار في الرجال البالغين من الكفار إذا أسروا بين أن يقتلهم أو يسترقهم أو يمن عليهم فيطلقهم بلا عوض أو يفاديهم بالمال أو بأسارى المسلمين وإليه ذهب ابن عمر وبه قال الحسن وعطاء وأكثر الصحابة والعلماء وهو قول الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق.
قال ابن عباس : لما كثر المسلمون واشتد سلطانهم أنزل الله عز وجل في الأسارى ) فإما منا بعد وإما فداء ( وهذا القول هو الصحيح ولأنه به عمل النبي ( ﷺ ) والخلفاء بعده
( ق ) عن أبي هريرة قال :( بعث النبي ( ﷺ ) خيلاً قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال فربطوه في سارية من سواري المسجد فخرج إليه النبي ( ﷺ ) فقال : ما عندك يا ثمامة ؟ فقال : عندي خير يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فتركه النبي ( ﷺ ) حتى إذا كان من الغد قال : ما عندك يا ثمامة ؟ قال : ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فتركه رسول الله ( ﷺ ) حتى إذا كان من الغد قال : ما عندك يا ثمامة قال : عندي ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فقال رسول الله ( ﷺ ) : أطلقوا ثمامة.
فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله والله ما كان على الأرض أبغض إليّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي.
والله ما كان من دين أبغض من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إليّ والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إليّ وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى فبشره النبي ( ﷺ ) وأمره أن يعتمر فلما قدم مكة قال له قائل : أصبوت ؟ قال : لا ولكني أسلمت مع رسول الله ( ﷺ ) ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله ( ﷺ ) ) لفظ مسلم بطوله واختصره البخاري عن عمران بن حصين قال ( أسر أصحاب رسول الله ( ﷺ ) رجلاً من بني عقيل فأوثقوه وكانت ثقيف قد أسرت رجلين من أصحاب رسول الله ( ﷺ ) ففداه رسول الله ( ﷺ ) بالرجلين الذين أسرتهما ثقيف ) أخرجه الشافعي في مسنده وأخرده مسلم وأبو داود بلفظ أطول من هذا.
وقوله تعالى :( حتى تضع الحرب أوزارها ( يعني أثقالها وأحمالها والمراد أهل الحرب يعني حتى يضعوا أسلحتهم ويمسكوا عن القتال وأصل الوزر : ما يحمله الإنسان فسمى الأسلحة وزراً لأنها تحمل.
وقيل : الحرب هم المحاربون مثل الشرب والركب.
وقيل : الأوزار الآثام.
ومعناه : حتى يضع المحاربون أوزارهم بأن يتوبوا من كفرهم فيؤمنوا بالله ورسوله.
وقيل :


الصفحة التالية
Icon