صفحة رقم ١٨٢
بالعرش وتكلم على لسانها بهذا الأمر الله عز وجل هذا الكلام القاضي عياض في معنى هذا الحديث والله أعلم وقيل في الآية في قوله إن توليتم هو من الولاية يعني فهل عسيتم إن توليتم أمر الناس أن تفسدوا في الأرض يعني الظلم وتقطعوا أرحامكم ومعنى الاستفهام في قوله فهل عسيتم للتقرير اغلمذكور والمعنى هل يتوقع منكم الإفساد.
فإن قلت عسى طمع وترج وتوقع المترجي المبتلي وقال بعضهم معناه كل من ينظر إليهم يتوقع منهم ذلك وقال الزمخشري معناه أنه لما عهد منكم إحقاء بأن يقول لكم كل ممن ذاقكم وعرف تمريضكم ورخاوة عقدكم في الإيمان يا هؤلاء ما ترون هل يتوقع منكم إن توليتم أمور الناس وتأمرتم عليهم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم تناحرا على الملك وتهالكا على الدنيا )
محمد :( ٢٣ - ٢٦ ) أولئك الذين لعنهم...
" أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم " ( ) أولئك ( إشارة إلى من إذا تولى أفسد في الأرض وقطع الأرحام ) الذين لعنهم الله ( يعني أبعدهم من رحمته وطردهم عن جنته ) فأصمهم ( يعني عن سماع الحق ) وأعمى أبصارهم ( يعني عن طريق الهدى وذلك أنهم لما سمعوا القرآن فلم يفهموه ولم يؤمنوا به وأبصروا طريق الحق فلم يسلكوه ولم يتبعوه، فكانوا بمنزلة الصم العمى، وإن كان لهم أسماع وأبصار في الظاهر ) أفلا يتدبرون القرآن ( يعني يتكفرون فيه وفي مواعظه وزواجره وأصل التدبر التفكر في عاقبة الشيء وما يؤول إليه أمره.
وتدبر القرآن لا يكون إلا مع حضور القلب وجمع الهم وقت تلاوته ويشترط فيه تقليل الغذاء من الحلال الصرف وخلوص النية ) أم على قلوب اقفالها ( يعني بل على قلوب أقفالها وجعل القفل مثلاً لكل مانع للإنسان من تعاطي فعل الطاعة.
يقال : فلان مقفل عن كذا، بمعنى ممنوع منه.
فإن قلت : إذا كان الله تعالى قد أصمهم وأعمى أبصارهم وأقفل على قلوبهم وهو بمعنى الختم فكيف يمكنهم تدبر القرآن مع هذه الموانع الشديدة.
قلت : تكليف ما لا يطاق جائز عندنا، لأن الله أمر بالإيمان لمن سبق في علمه أنه لا يؤمن فكذلك هنا والله يفعل ما يريد لا اعتراض لأحد عليه.
وقيل : إن قوله ) أفلا يتدبرون القرآن ( المراد به التأسي.
وقيل : إن هذه الآية محققة للآية المتقدمة وذلك أن الله تعالى لما قال :( أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ( فكان قوله أفلا يتدبرون القرآن كالتهييج لهم على ترك ما هم فيه من الكفر الذي استحقوا بسببه اللعنة أو كالتبكيت لهم على إصرارهم على الكفر والله أعلم بمراده.
وروى البغوي بإسناد الثعلبي، عن عروة بن الزبير قالا :( تلا رسول الله ( ﷺ ) أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها فقال شاب من أهل اليمن : بل على قلوب أقفالها حتى يكون الله يفتحها أو يفرجها فما زال الشاب في نفس عمر حتى ولي فاستعان به ) هذا حديث مرسل وعروة بن الزبير تابعي من كبار التابعين وأجلهم لم يدرك النبي ( ﷺ ) لأنه ولد سنة اثنتين وعشرين وقيل غير ذلك.
قوله عز وجل :( إن الذين ارتدوا على أدبارهم ( يعني رجعوا القهقرى كفاراً ) من بعد ما تبين لهم الهدى ( يعني من بعد ما وضح لهم طريق الهداية.
قال قتادة : هم كفار أهل الكتاب كفروا بمحمد ( ﷺ ) من بعد ما عرفوه ووجدوا نعته في كتابهم.
وقال ابن عباس والضحاك والسدي : هم المنافقون آمنوا أولاً ثم كفروا ثانياً ) الشيطان سول لهم ( يعني زين لهم القبيح حتى رأوه حسناً ) وأملى لهم ( قرىء بضم الألف وكسر اللام وفتح الياء على ما لم يسم فاعله يعني أمهلوا


الصفحة التالية
Icon