صفحة رقم ١٩٢
صفات الأجسام وإنما المعنى تقرير أن عقد الميثاق مع رسول الله ( ﷺ ) كعقده مع الله عز وجل من غير تفاوت بينهما كقوله تعالى ) من يطع الرسول فقد أطاع الله ( هذا مذهب أهل التأويل وكلامهم في هذه الآية ومذهب السف السكوت عن التأويل وإمرارا آيات الصفات كما جاءت وتفسيرها قراءتها والإيمان بها من غير تشبيه ولا تكييف ولا تعطيل.
وقوله تعالى ) فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ( يعني فمن نقض العقد الذي عقده مع النبي ( ﷺ ) ونكث البيعة فإن وبال ذلك وضره يرجع إليه ولا يضر إلا نفسه ) ومن أوفى بما عاهد عليه الله ( يعني من البيعة ) فسيوتيه أجرا عظيما ( يعني في الآخرة وهو الجنة.
الفتح :( ١١ - ١٥ ) سيقول لك المخلفون...
" سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا " ( قوله تعالى :( سيقول لك المخلفون من الأعراب ( قال ابن عباس ومجاهد يعني أعراب غفار ومزينة وجهينة وأشجع والنخع وأسلم وذلك أن رسول الله ( ﷺ ) حين أراد المسير إلى مكة عام الحديبية معتمراً، استنفر من حول المدينة من الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه حذراً من قريش أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت فأحرم بالعمرة وساق الهدى ليعلم الناس أنه لا يريد حرباً، فتثاقل عنه كثير من الأعراب، وتخلفوا، واعتلّوا بالشغل، فأنزل الله تعالى فيهم سيقول لك يا محمد المخلفون من الأعراب الذين خلفهم الله عز وجل عن صحبتك، إذا رجعت إليهم من عمرتك هذه وعاتبتهم على التخلف عنك ) شغلتنا أموالنا وأهلونا ( يعني النساء والذراري.
يعني : لم يكن لنا من يخلفنا فيهم : فلذا تخلفنا عنك ) فاستغفر لنا ( أي إنا مع عذرنا معترفون بالإساءة فاستغفر لنا بسبب تخلفنا عنك فأكذبهم الله تعالى فقال الله تعالى :( يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ( يعني أنهم في طلب الاستغفار كاذبون لأنهم لا يبالون استغفر لهم النبي ( ﷺ ) أم لا ) قل فمن يملك لكم من الله شيئاً إن أراد بكم ضراً ( يعني سوءاً ) أو أراد بكم نفعاً ( وذلك أنهم ظنوا أن تخلفهم عن النبي ( ﷺ ) يدفع عنهم الضر أو يجعل لهم النفع بالسلامة في أنفسهم وأموالهم فأخبرهم الله عز وجل أنه إن أراد شيئاً من ذلك لم يقدر أحد على دفعه ) بل كان الله بما تعملون خبيراً ( يعني من إظهاركم الاعتذار وطلب الاستغفار وإخفائكم النفاق ) بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً ( يعني ظننتم أن العدو يستأصلهم فلا يرجعون إلى أهليهم ) وزين ذلك في قلوبكم ( يعني زيَّن الشيطان ذلك الظن عندكم حتى قطعتم به، حتى صار الظن يقيناً عندكم، وذلك أن الشيطان قد يوسوس في قلب الإنسان بالشيء ويزينه له حتى يقطع به ) وظننتم ظن السوء ( يعني وظننتم أن الله يخلف وعده وذلك أنهم قالوا : إن محمداً وأصحابه أكلة رأس، يريدون بذلك قتلهم فلا يرجعون فأين تذهبون معهم