صفحة رقم ٢٥٢
) إنه هو البر ( قال ابن عباس : اللطيف وقيل : يعني الصادق فيما وعد.
وقيل : البر العطوف على عباده المحسن إليهم الذي عم بره جميع خلقه ) الرحيم ( بعبيده.
قوله عز وجل :( فذكر ( يعني فعظ يا محمد بالقرآن كفار مكة ) فما أنت بنعمة ربك ( أي برحمته وعصمته وقيل : بإنعامه عليك بالنبوة ) بكاهن ولا مجنون ( الكاهن هو الذي يوهم أنه يعلم الغيب ويخبر بما في غد من غير وحي والمعنى أنك لست كما يقول كفار مكة أنه كاهن أو مجنون إنما تنطلق بالوحي نزلت في الذين اقتسموا أعقاب مكة يرمون رسول الله ( ﷺ ) بالكهانة والسحر والشعر والجنون ) أم يقولون ( يعني هؤلاء المقتسمين ) شاعر ( أي هو شاعر ) نتربص به ( أي ننتظر به ) ريب المنون ( يعني حوادث الدهر وصروفه فيموت ويهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء أو يتفرق عنه أصحابه وإن أباه مات وهو شاب ونحن نرجو أن يكون موته كموت أبيه والمنون اسم للموت وللدهر وأصله القطع سميا بذلك لأنهما يقطعان الأجل.
الطور :( ٣١ - ٣٧ ) قل تربصوا فإني...
" قل تربصوا فإني معكم من المتربصين أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون " ( ) قل تربصوا ( أي انتظروا بي الموت ) فإني معكم من المتربصين ( أي من المنتظرين حتى يأتي أمر الله فبكم فعذبوا يوم بدر بالقتل والسبي ) أم تأمرهم أحلامم ( أي عقولهم ) بهذا ( وذلك أن عظماء قريش كانوا يوصفون بالأحلام والعقول فأزرى الله بعقولهم حين لم تثمر لهم معرفة الحق من الباطل ) أم هم قوم طاغون ( أي يتجاوزون الحد في الطغيان والكفر ) أم يقولون تقوله ( أي اختلق القرآن من تلقاء نفسه والتقول التكلف ولا يستعمل إلا في الكذب والمعنى ليس الأمر كما زعموا ) بل لا يؤمنون ( أي بالقرآن استكباراً ثم ألزمهم الحجة فقال تعالى :( فليأتوا بحديث مثله ( أي مثل القرآن في نظمه وحسنه وبيانه ) إن كانوا صادقين ( يعني إن محمد تقوله من قبل نفسه ) أم خلقوا من غير شيء (.
قال ابن عباس : من غير رب خالق.
والمعنى : أم خلقوا من غير شيء خلقهم فوجدوا بلا خالق وذلك مما لا يجوز أن يكون لأن تعلق الخلق بالخالق من ضرورة الاسم فإن أنكروا الخالق لم يجز أن يوجدوا بلا خالق ) أم هم الخالقون ( أي لأنفسهم وذلك في البطلان أشد لأن ما لا وجود له كيف يخلق فإذا بطل الوجهان قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقاً فليؤمنوا به وليوحدوه وليعبدوه وقيل : في معنى الآية : أخلقوا باطلاً فلا يحاسبون ولا يؤمرون ولا ينهون أم هم الخالقون أي لأنفسهم فلا يجب عليهم لله أمر ) أم خلقوا السموات والأرض ( يعني ليس الأمر كذلك


الصفحة التالية
Icon