صفحة رقم ٢٦٠
منها ملكاً قائماً يسبح الله عز وجل.
النجم :( ١٧ - ١٩ ) ما زاغ البصر...
" ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى أفرأيتم اللات والعزى " ( ) ما زاغ البصر وما طغى ( يعني ما مال بصر النبي ( ﷺ ) في ذلك المقام وفي تلك الحضرة المقدسة الشريفة يميناً وشمالاً ولا جاوز ما رأى وقيل : ما أمر به وهذا وصف أدبه ( ﷺ ) في ذلك المقام الشريف إذ لم يلتفت إلى شيء سوى ما أمر به.
وفي معنى الآية إن قلنا إن الذي يغشى السدرة فراش من ذهب أي لم يلتفت إليه ولم يشتغل به وفيه بيان أدبه ( ﷺ ) إذ لم يقطع بصره عن المقصود وإن قلنا الذي يغشى السدرة هو نور رب العزة ففيه وجهان :
أحدهما : أنه ( ﷺ ) لم يلتفت عنه يمنة ولا يسرة ولا يشتغل بغير مطالعة ذلك النور.
الوجه الثاني : ما زاغ البصر بصعقة ولا غشية كما أخبر عن موسى بقوله ) وخر موسى صعقاً ( " وذلك أنه لما تجلى رب العزة وظهر نوره على الجبل قطع نظره وغشي عليه ونبينا ( ﷺ ) ثبت في ذلك المقام العظيم الذي تحار فيه العقول وتزل فيه الأقدام وتميل فيه الأبصار فوصف الله عز وجل قوة نبينا ( ﷺ ) في ذلك المقام العظيم بقوله تعالى ما زاغ البصر وما طغى.
وقوله تعالى :( لقد رأى من آيات ربه الكبرى ( يعني رأى رسول الله ( ﷺ ) الآيات العظام وقيل : أراد ما رأى تلك الليلة في مسيره ورجوعه وقيل : معناه لقد رأى من آيات ربه الآيات الكبرى ( م ) عن عبد الله بن مسعود قال : لقد رأى من آيات ربه الكبرى.
قال : رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح
( خ ) عنه قال لقد رأى من آيات ربه الكبرى قال رأى رفرفاً أخضر سد أفق السماء.
فصل من كلام الشيخ محيي الدين النووي في معنى قوله تعالى ) ولقد رآه نزلة أخرى ( "
وهل رأى النبي ( ﷺ ) ربه عز وجل ليلة الإسراء )
قال القاضي عياض اختلف السلف والخلف هل رأى نبينا ( ﷺ ) ربه ليلة الإسراء فأنكرته عائشة كما وقع في صحيح مسلم.
وجاء مثله عن أبي هريرة وجماعة وهو المشهور عن ابن مسعود وإليه ذهب جماعة من المحدثين والمتكلمين.
وروي عن ابن عباس أنه رآه بعينه ومثله عن أبي ذر وكعب والحسن وكان يحلف على ذلك وحكي مثله عن ابن مسعود وأبي هريرة وأحمد بن حنبل وحكى أصحاب المقالات عن أبي الحسن الأشعري وجماعة من أصحابه أنه رآه ووقف بعض مشايخنا في هذا وقال : ليس عليه دليل واضح ولكنه جائز ورؤية الله عز وجل في الدنيا جائزة وسؤال موسى إياها دليل على جوازها إذ لا يجهل نبي ما يجوز أن يمتنع على ربه.
واختلفوا في أن نبينا ( ﷺ ) هل كلم ربه ليلة الإسراء بغير واسطة أم لا، فحكي عن الأشعري وقوم من المتكلمين أنه كلمه.
وعزا بعضهم هذا القول إلى جعفر بن محمد وابن مسعود وابن عباس وكذلك اختلفوا في قوله : ثم دنا فتدلى فالأكثر على أن هذا الدنو والتدلي منقسم بين جبريل والنبي ( ﷺ ) أو مختص بأحدهما من الآخر أو من سدرة المنتهى.
وذكر ابن عباس والحسن ومحمد بن كعب وجعفر بن محمد وغيرهم أنه دنو من النبي ( ﷺ ) إلى ربه أو من الله فعلى هذا القول يكون الدنو والتدلي متأولاً ليس على وجهه بل كما قال جعفر بن محمد الدنو من الله لا حد له ومن العباد بالحدود فيكون معنى دنو النبي ( ﷺ ) وقربه منه ظهور عظيم منزلته لديه وإشراق أنوار معرفته عليه واطلاعه من غيبه وأسرار ملكوته على ما لم يطلع سواه عليه.
والدنو من الله تعالى له