صفحة رقم ٤٧
في نفسه أنه سيطيق ذلك وقيل إنهم ذكروا فتنة النساء فأضمر داود في نفسه أنه إن ابتلى اعتصم فلما كان يوم عبادته أغلق عليه الأبواب وأمر لا يدخل عليه أحد وأركب على قراءة اعتصم فلما كان دخل بالمرأة لم يلبث إلا التوراة فبينما هو يقرأ إذا دخلت خمامة وذكر نحو ما تقدم فلما دخل بالمرأة لم يلبث يسيرا حتى بعث الله عز وجل الملكين إليه وقيل إن داود عليه السلام وما زال يجتهد في العبادة حتى برز له حافظاه من الملائكة فكانوا يصلون معه فلما استأنس منهم قال أخبروني بأي شيء أنتم موكلون قالوا نكتب صالح أ ' مالك ونوافقك ونصرف عنك وتصرف عنك السوء فقال في نفسه ليت شعري كيف أكون لو خلوني ونفسي وتمنى ذلك ليعلم كيف يكون فأوحى الله تعالى إلى الملكين أن يعتزلاه ليعلم أنه لا غنى له عن الله تعالى فلما فقدهم جد واجنهد في العبادة إلى أن ظن أنه قد غلب نفسه فأراد الله تعالى أن يعرفه ضعفه فأرسل طائرا من طيور الجنة وذكر نحو ما تقدم وقيل إن داود قال لبني إسرائل لأعدلن بينكم ولم يسئن فابتلى وقيل أنه أعجبه عمله فابتلى فبعث الله إليه ملكين يفي صورة رجلين وذلك في يوم عبادته فطلبا أن يدخلا عليه فمنعهما الحرس فتسورا عليه المحراب فما شعر إلا وهما بين يديه جالسان وهو يصلي يقال كانا جبريل وميكائيل فذلك قوله عز وجل " ٠ وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب ( إذا دخلوا على داود ففزع منهم أ يخاف منهما حين هجما عليه في محرابه بغير إذنه فقال لهما من أدخلكما على ) قالوا لا نخف خصمان ( أي نحن خصمان ) بغى بعضنا على بعض ( أي تعدى وخرج عن الحد جئناك لتقضي بيننا.
فإن قلت إذا جعلتهما ملكين فكيف يتصور البغي منهما والملائكة لا يبغي بعضهم على بعض ؟ قلت هذا من معاريض الكلام لا على تحقيق البغي من أحدهما والمعنى رأيت خصمين يعني أحدهما على الآخر ) فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط ( أي لا تجر في حكمك ) واهدنا إلى سواء الصراط ( أي أرشدنا إلى طريق الحق والصواب فقال لهما داود تكلما فقال أحدهما
ص :( ٢٣ ) إن هذا أخي...
" إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب " ( ) إن هذا أخي ( على ديني وطريقتي لا من جهة النسب ) له تسع وتسعون نعجة ( يعني امرأة ) ولي نعجة واحدة ( أي امرأة واحدة والعرب تكني بالنعجة عن المرأة وهذا على سبيل التعريض للتنبيه والتفهيم لأنه لم يكن هناك نعاج ولا بغي ) فقال أكفلنيها ( قال ابن عباس أي أعطنيها وقيل معناه انزل عنها وضمها إلي واجعلني كافلها والمعنى طلقها لأتزوجها ) وعزني في الخطاب ( يعني غلبني وقهرني في القول لأنه أفصح مني في الكلام وإن حارب كان أبطش مني لقوة