صفحة رقم ٥٩
سبحانه وتعالى ليسلط الشيطان على نساء نبيه ( ﷺ ) قال وهب : ثم إن آصف خرج على بني إسرائيل فقال ما في الخاصة أشد مما في العامة فلما مضى أربعون صباحاً طار الشيطان عن مجلسه ثم مر بالبحر فقذف الخاتم فيه فبلعته سمكة فأخذها بعض الصيادين وقد عمل له سليمان صدر يومه فلما أمسى أعطاه سمكتيه فباع سليمان إحداهما بأرغفة وبقر بطن الأخرى ليشويها، فاستقبله خاتمه في جوفها فأخذه وجعله في يده ووقع لله ساجداً وعكفت عليه الطير والجن وأقبل الناس عليه وعرف الذي كان دخل عليه لما كان أحدث في داره فرجع إلى ملكه وأظهر التوبة من ذنبه وأمر الشياطين أن يأتوه بصخر فطلبوه حتى أخذوه فأتي به فأدخله في جوف صخرة وسدَّ عليه بأخرى ثم أوثقها بالحديد والرصاص ثم أمر به فقذفوه في البحر.
وقيل في سبب فتنة سليمان عليه الصلاة والسلام أن جرادة كانت أبرَّ نسائه عنده وكان يأتمنها على خاتمه، فقالت له يوماً إن أخي بينه وبين فلان خصومة فأحب أن تقضي له فقال نعم ولم يفعل فابتلي بقوله نعم وذكروا نحو ما تقدم.
وقيل إن سليمان لما افتتن سقط الخاتم من يده فأعاده في يده فسقط وكان فيه ملكه فأيقن سليمان بالفتنة فأتاه آصف فقال : إنك مفتون بذلك والخاتم لا يتماسك في يدك ففرَّ إلى الله تعالى تائباً فإني أقوم مقامك وأسير بسيرتك إلى أن يتوب الله عليك.
ففر سليمان إلى الله تعالى تائباً وأعطى آصف الخاتم فوضعه في يده فثبت في يده فأقام آصف في ملك سليمان بسيرته أربعة عشر يوماً إلى أن رد الله تعالى على سليمان ملكه وتاب عليه فرجع إلى ملكه وجلس على سريره وأعاد الخاتم في يده فثبت فهو الجسد الذي ألقي على كرسيه.
وروي عن سعيد بن المسيب قال : احتجب سليمان عن الناس ثلاثة أيام فأوحى الله تعالى إليه احتجبت عن الناس ثلاثة أيام فلم تنظر في أمور عبادي فابتلاه الله تعالى وذكر نحو ما تقدم من حديث الخاتم وأخذ الشيطان إياه، قال القاضي عياض وغيره من المحققين : لا يصح ما نقله الأخباريون من تشبيه الشيطان به وتسليطه على ملكه وتصرفه في أمته بالجور في حكمه وإن الشياطين لا يسلطون على مثله هذا وقد عصم الله تعالى الأنبياء من مثل هذا، والذي ذهب إليه المحققون أن سبب فتنته ما أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ' قال سليمان لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله تعالى فقال له صاحبه قل إن شاء الله فلم يقل إن شاء الله فطاف عليهن جميعا فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل وأيم الله الذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعين ' وفي رواية لأطوفن بمائة امرا فقال له الملك قل إن شاء الله فلم يقل ونسى قال العلماء والشق هو الجدسد الذي ألقى على كرسيه وهي عقوبته ومحنته لأنه لم يستثن لما استغرقه من الحرص وزغلب عليه من التمني وقيل نسي أن بستثني كما صح في الحديث لينفذ أمر الله ومراده فيه وقيل إن المراد بالجسد الذي ألقى على كرسيه أنه ولد له ولده فاجتمعت الشاطين وقال بعضهم لبعض إن عاش له ولد لم تنفك من البلاء فسبيلنا أن تقتل ولده أو نخلبه فعلم بذلك سليمان فأمر السحاب فحمله فكان يريبه في السحاب خوفا من الشياطين فينما هو مشتغل في بعض مهماته إذا ألأقى ذلك الولد ميتا على كرسيه فعاتبه الله على خوفه من الشاطين ولم يتوكل عليه في ذلك، فتنبه لخطته


الصفحة التالية
Icon