صفحة رقم ٦٠
فاستغفر ربه فلذلك قوله عز وجل ) لاوألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب ( أي رجع إلى ملكه بعد الأربعين يوما وقيل أناب إلى الاستغفار وهو قوله )
ص :( ٣٥ ) قال رب اغفر...
" قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب " ( ) قال رب اغفر لي ( أي سأل ربه المغفرة ) وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي ( أي لا يكون لأحد من بعدي وقيل لا تسلبنيه في باقي عمري وتعطيه غيري كما سلبته مني فيما مضى من عمري ) إنك أنت الوهاب ( فإن قلت قول سليمان لا ينبغي لأحد من بعدي مشعر بالحسد والحرص على الدنيا.
قلت لم يقل ذلك حرصاً على طلب الدنيا ولا نفاسة بها ولكن كان قصده في ذلك أن لا يسلط عليه الشيطان مرة أخرى وهذا على قول من قال إن الشيطان استولى على ملكه.
وقيل سأل ذلك ليكون علماً وآية لنبوته ومعجزة دالة على رسالته ودلالة على قبول توبته حيث أجاب الله تعالى دعاءه وردَّ ملكه إليه وزاده فيه وقيل كان سليمان ملكاً ولكنه أحب أن يخص بخاصية كما خص داود بإلانة الحديد وعيسى بإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص فسأل شيئاً يختص به كما روى في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ( ﷺ ) قال ( إن عفريتاً من الجن تفلت علي البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني الله منه فأخذته فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم فذكرت دعوة أخي سليمان :( رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي ( فرددته خاسئاً ) )
ص :( ٣٦ - ٤٢ ) فسخرنا له الريح...
" فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب " ( ) فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء ( أي لينة ليست بعاصفة ) حيث أصاب ( أي حيث أراد ) والشياطين ( أي وسخرنا له الشياطين ) كل بناء ( أي يبنون له ما يشاء ) وغواص ( يعني يستخرجون له اللالىء من البحر وهو أول من استخرج اللؤلؤ من البحر ) وآخرين ( أي وسخرنا له آخرين وهم مردة الشياطين ) مقرنين في الأصفاد ( أي مشدودين في القيود سخروا له حتى قرنهم في الأًصفاد ) هذا عطاؤنا ( أي قلنا له هذا عطاؤنا ) فامنن ( أي أحسن إلى من شئت ) أو أمسك ( أي عمن شئت ) بغير حساب ( أي لا حرج عليك فيما أعطيت ولا فيما أمسكت قال الحسن : ما أنعم الله تعالى على أحد نعمة إلا عليه تبعة إلا سليمان فإنه إن أعطى أجر وإن لم يعط لم تكن عليه تبعة وقيل هذا في أمر الشياطين يعني هؤلاء الشياطين عطاؤنا فامنن على من شئت منهم فخل عنه وأمسك أي احبس من شئت منهم في العمل وقيل في الوثاق لا تبعة عليك فيما تتعاطاه ) وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ( لما


الصفحة التالية
Icon