صفحة رقم ١٣٤
ابن عباس في قوله تعالى :( إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة ( قال بستان باليمن يقال له الضروان دون صنعاء بفرسخين يطؤه أهل الطريق وكان غرسه قوم من أهل الصلاة وكان لرجل فمات فورثه ثلاث بنين له وكان يترك للمساكين إذا صرموا نخلهم كل شيء تعداه المنجل إذا طرح من فوق النخل إلى البساط وكل شيء يخرج من المنجل إلى البساط فهو أيضاً للمساكين وإذا حصدوا زرعهم فكل شيء تعداه المنجل فهو للمساكين وإذا داسوه كان لهم كل شيء ينتثر أيضاً فلما مات الأب وورثه بنوه هؤلاء الإخوة الثلاثة قالوا والله إن المال قليل وإن العيال كثير وإنما كان هذا الأمر يفعل لما كان المال كثيراً والعيال قليلاً فأما إذا قل المال وكثر العيال فإنا لا نستطيع أن نفعل فتحالفوا بينهم يوماً أن يغدوا غدوة قبل خروج الناس فليصر من نخلهم فذلك قوله تعالى :( إذ أقسموا ( أي تحالفوا ) ليصرمنها ( أي ليقطعن ثمرها ) مصبحين ( أي إذا أصبحوا قبل أن يخرج إليهم المساكين وقبل أن يعلم بها المساكين، ) ولا يستثنون ( أي ولم يقولوا إن شاء الله وقيل لا يستثنون شيئاً للمساكين من ثمر جنتهم ) فطاف عليها طائف من ربك ( أي عذاب من ربك ولا يكون الطائف إلا بالليل وهو قوله تعالى :( وهم نائمون ( وكان ذلك الطائف ناراً أنزلت من السماء فأحرقتها وهو قوله تعالى :( فأصبحت ( أي الجنة ) كالصريم ( أي كالليل الأسود المظلم وقيل تصرم منها الخير فليس فيها شيء ينتفع به وقال ابن عباس كالرماد الأسود وهو بلغة خزيمة.
القلم :( ٢١ - ٣١ ) فتنادوا مصبحين
" فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد قادرين فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين " ( ) فتنادوا ( أي فنادى بعضهم بعضاً ) مصبحين ( يعني لما أصبحوا ) أن اغدوا على حرثكم ( يعني الثمار والزرع والأعناب ) إن كنتم صارمين ( أي قاطعين ثماركم ) فانطلقوا ( أي مشوا إليها ) وهم يتخافتون ( أي يتسارون يقول بعضهم لبعض سراً ) أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد ( أي على قصد ومنع وقيل معناه على جد وجهد وقيل على أمر مجتمع قد أسسوه بينهم وقيل على حنق وغضب من المساكين وقال ابن عباس على قدرة ) قادرين ( أي عند أنفسهم على جنتهم وثمارها لا يحول بينهم وبينها أحد


الصفحة التالية
Icon