صفحة رقم ١٣٥
) فلما رأوها ( أي رأوا الجنة محترقة ) قالوا إنا لضالون ( أي لمخطئون الطريق أضللنا عن مكان جنتنا وليست هذه جنتنا ) بل نحن محرومون ( أي قال بعضهم قد حرمنا خيرها ونفعها بمنعنا المساكين وتركنا الاستثناء ) قال أوسطهم ( أي أعدلهم وأعقلهم وأفضلهم ) ألم أقل لكم لولا تسبحون ( أي هلا تستثنون أنكر عليهم ترك الاستثناء في قولهم ليصرمنها مصبحين سماه تسبيحاً لأنه تعظيم لله وإقرار بأنه لا يقدر أحد على شيء إلا بمشيئته، وعلى التفسير الثاني أن الاستثناء بمعنى لا يتركون شيئاً للمساكين من ثمر جنتهم يكون معنى لولا تسبحون أي تتوبون وتستغفرون الله من ذنوبكم وتفريطكم ومنعكم حق المساكين وقيل كان استثناؤهم سبحان الله وقيل هلا تسبحون الله وتشكرونه على ما أعطاكم من نعمه ) قالوا سبحان ربنا ( معناه أنهم نزهوه عن الظلم فيما فعل وأقروا على أنفسهم بالظلم فقالوا ) إنا كنا ظالمين ( أي بمنعنا المساكين حقوقهم ) فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ( أي يلوم بعضهم بعضاً ) قالوا يا ويلنا ( دعوا على أنفسهم بالويل ) إنا كنا طاغين ( أي في منعنا حق الفقراء والمساكين وقيل معناه طغينا في نعم الله فلم نشكرها ولم نصنع ما كان يصنع آباؤنا من قبل ثم رجعوا إلى أنفسهم.
القلم :( ٣٢ - ٤٢ ) عسى ربنا أن...
" عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون إن لكم فيه لما تخيرون أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون سلهم أيهم بذلك زعيم أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون " ( ) عسى ربنا أن يبدلنا خيراً منها إنا إلى ربنا راغبون ( قال ابن مسعود بلغني أن القوم أخلصوا وعرف الله منهم الصدق فأبدلهم بها جنة يقال لها الحيوان فيها عنب يحمل البغل منه عنقوداً قال الله تعالى :( كذلك العذاب ( أي كفعلنا بهم نفعل بمن تعدى حدودنا وخالف أمرنا يخوف بذلك كفار مكة ثم قال تعالى :( ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ( ثم أخبر بما أعد الله للمتقين فقال تعالى :( إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم ( أي عند ربهم في الآخرة ولما نزلت هذه الآية قال المشركون إنا نعطي في الآخرة أفضل مما تعطون فقال الله تعالى تكذيباً للمشركين ) أفنجعل المسلمين كالمجرمين ( يعني أن التسوية بين المسلم والمجرم غير جائزة فكيف يكون أفضل أو يعطى أفضل منه ولما قال تعالى ذلك على سبيل الاستبعاد والإنكار قال لهم على طريق الالتفات ) ما لكم كيف تحكمون ( يعني هذا الحكم المعوج ) أم لكم كتاب ( أي نزل من عند الله ) فيه ( أي في ذلك الكتاب ) تدرسون ( أي تقرؤون ) إن لكم فيه ( أي في ذلك الكتاب ) لما تخيرون ( أي تختارون وتشتهون ) أم لكم أيمان علينا بالغة ( معناه ألكم عهود ومواثيق مؤكدة عاهدناكم عليها فاستوثقتم بها منا ) إلى يوم القيامة ( أي لا تنقطع تلك الأيمان والعهود إلى يوم القيامة ) إن لكم ( أي في ذلك العهد ) لما تحكمون ( أي لأنفسكم من الخير والكرامة عند الله تعالى ثم قال الله تعالى لنبيه ( ﷺ ) ) سلهم أيهم بذلك زعيم ( أي أيهم كفيل لهم بأن لهم في الآخرة ما للمسلمين


الصفحة التالية
Icon