صفحة رقم ١٤٠
ذهب أو غير ذلك مما يعرفون بها والله أعلم.
قوله تعالى ) ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون ( السجود يعني الكفار والمنافقين تصير أصلابهم كصياصي البقر أو كصفيحة نحاس فلا يستطيعون السجود )
القلم :( ٤٣ ) خاشعة أبصارهم ترهقهم...
" خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون " ( ) خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ( وذلك أن المؤمنين يرفعون رؤوسهم من السجود ووجوههم أشد بياضاً من الثلج وقد علاها النور والبهاء وتسود وجوه الكفار والمنافقين ويغشاهم ذل وخسران وندامة ) وقد كانوا يدعون إلى السجود ( يعني في دار الدنيا كانوا يدعون إلى الصلاة المكتوبة بالأذان والإقامة وذلك أنهم كانوا يسمعون حي على الصلاة حي على الفلاح فلا يجيبون ) وهم سالمون ( يعني أنهم كانوا يدعون إلى الصلاة وهم أصحاء فلا يأتونها قال كعب الأحبار والله ما نزلت هذه الآية إلا في الذين يتخلفون عن الجماعة.
القلم :( ٤٤ - ٥٢ ) فذرني ومن يكذب...
" فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون أم عندهم الغيب فهم يكتبون فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم فاجتباه ربه فجعله من الصالحين وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين " ( قوله عز وجل :( فذرني ومن يكذب بهذا الحديث ( أي دعني والمكذبين بالقرآن وخل بيني وبينهم ولا تشغل قلبك بهم وكلهم إليّ فإني أكفيك إياهم ) سنستدرجهم ( أي سنأخذهم بالعذاب ) من حيث لا يعلمون ( فعذبوا يوم بدر بالقتل والأسر، وقيل في معنى الآية كلما أذنبوا ذنباً جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار والتوبة.
وهذا هو الاستدراج لأنهم يحسبونه تفضيلاً لهم على المؤمنين وهو في الحقيقة سبب إهلاكهم فعلى العبد المسلم إذا تجددت عنده نعمة أن يقابلها بالشكر وإذا أذنب ذنباً أن يعاجله بالاستغفار والتوبة.
) وأملي لهم ( أي أمهلهم وأطيل لهم المدة.
وقيل معناه أمهلهم إلى الموت فلا أعاجلهم بالعقوبة ) إن كيدي متين ( أي عذابي شديد وقيل الكيد ضرب من الاحتيال فيكون بمعنى الاستدراج المؤدي إلى العذاب ) أم تسألهم أجراً ( أي على تبليغ الرسالة ) فهم من مغرم مثقلون ( المغرم الغرامة والمعنى أتطلب منهم أجراً فيثقل عليهم حمل الغرامات في أموالهم فيثبطهم ذلك عن الإيمان ) أم عندهم الغيب فهم يكتبون ( أي عندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون منه ما يحكمون به وهو استفهام على سبيل الإنكار ) فاصبر لحكم ربك ( أي اصبر على أذاهم لقضاء ربك قيل إنه منسوخ بآية السيف ) ولا تكن ( في الضجر والعجلة ) كصاحب الحوت ( يعني يونس بن متى ) إذ نادى ( ربه أي في بطن الحوت ) وهو مكظوم ( أي مملوء غماً ) لولا أن تداركه نعمة من ربه ( أي حين رحمه وتاب عليه، ) لنبذ بالعراء ( أي لطرح بالفضاء من بطن الحوت على الأرض ) وهو مذموم ( أي يذم ويلام بالذنب.
وقيل في معنى الآية لولا أن تداركته نعمة من ربه لبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة ثم ينبذ بعراء القيامة أي بأرضها وفضائها فإن قلت هل يدل قوله وهو مذموم على كونه كان فاعلاً للذنب.
قلت الجواب عنه من ثلاثة أوجه : أحدها : أن كلمة لولا دلت على أنه لم يحصل منه ما يوجب الذم الثاني لعل المراد منه ترك الأفضل فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين الثالث لعل هذه الواقعة كانت قبل النبوة يدل عليه قوله تعالى :( فاجتباه ربه ( والفاء للتعقيب أي اصطفاه ورد عليه الوحي وشفعه في قومه ) فجعله من الصالحين ( أي النبيين.
قوله تعالى :( وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم (