صفحة رقم ١٤٧
لا تبصرون يعني الأرواح.
وقيل بما تبصرون يعني الإنس وما لا تبصرون يعني الملائكة والجن.
وقيل بما تبصرون من النعم الظاهرة وما لا تبصرون من النعم الباطنة.
وقيل بما تبصرون هو ما أظهره الله من مكنون غيبه لملائكته واللوح والقلم وجميع خلقه وما لا تبصرون هو ما استأثر الله بنعمه فلم يطلع عليه أحداً من خلقه، ثم ذكر المقسم عليه فقال تعالى ) إنه ( يعني للقرآن ) لقول رسول كريم ( يعني تلاوة رسول كريم وهو محمد ( ﷺ ) وقيل : الرسول هو جبريل عليه السلام فعلى هذا يكون المعنى إنه لرسالة رسول كريم والقول الأول أصح لأنهم لم يصفوا جبريل بالشعر والكهانة وإنما وصفوا بهما محمداً ( ﷺ ).
فإن قلت قد توجه هنا سؤال وهو أن جمهور الأمة وهم أهل السنة مجمعون على أن القرآن كلام الله فكيف يصح إضافته إلى الرسول.
قلت أما إضافته إلى الله تعالى فلأنه هو المتكلم به وأما إضافته إلى الرسول فلأنه هو المبلغ عن الله تعالى ما أوحي إليه ولهذا أكده بقوله ) تنزيل من رب العالمين ( ليزول هذا الإشكال.
قال ابن قتيبة لم يرد أنه قول الرسول وإنما أراد أنه قول الرسول المبلغ عن الله تعالى.
وفي الرسول ما يدل على ذلك فاكتفى به عن أن يقول عن الله تعالى وقوله تعالى :( وما هو بقول شاعر ( يعني أن هذا القرآن ليس بقول رجل شاعر ولا هو من ضروب الشعر ولا تركيبه ) قليلاً ما تؤمنون ( أراد بالقليل عدم إيمانهم أصلاً.
والمعنى أنكم لا تصدقون بأن القرآن من عند الله تعالى :( ولا بقول كاهن ( أي وليس هو بقول رجل كاهن ولا هو من جنس الكهانة ) قليلاً ما تذكرون ( يعني لا تتذكرون البتة ) تنزيل ( أي هو تنزيل يعني القرآن، ) من رب العالمين ( وذلك أنه لما قال إنه لقول رسول كريم أتبعه بقوله تنزيل من رب العالمين ليزول هذا الإشكال.
الحاقة :( ٤٦ - ٥٢ ) ثم لقطعنا منه...
" ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين وإنه لتذكرة للمتقين وإنا لنعلم أن منكم مكذبين وإنه لحسرة على الكافرين وإنه لحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم " ( ) ثم لقطعنا منه الوتين ( قال ابن عباس يعني نياط القلب، وقيل هو حبل الظهر.
وقيل هو عرق يجري في الظهر حتى يتصل بالقلب فإذا انقطع مات صاحبه.
وقيل هو عرق يتصل من القلب بالرأس، قال ابن قتيبة لم يرد أنا نقطعه بعينه بل المراد منه أنه لو كذب علينا لأمتناه فكان كمن


الصفحة التالية
Icon