صفحة رقم ١٦٠
أي أرصد له ليرمى به.
وقيل شهاباً من الكواكب ورصداً من الملائكة، عن ابن عباس قال ( كان الجن يصعدون إلى السماء يستمعون الوحي فإذا سمعوا الكلمة زادوا عليها تسعاً، فأما الكلمة فتكون حقاً وأما ما زاد فيكون باطلاً.
فلما بعث رسول الله ( ﷺ ) منعوا مقاعدهم فذكروا ذلك لإبليس ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك فقال لهم إبليس ما هذا إلا من أمر قد حدث في الأرض فبعث جنوده فوجدوا رسول الله ( ﷺ ) قائماً يصلي بين جبلين أراه قال بمكة فأخبروه فقال هذا الحدث في الأرض )، أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وقال ابن قتيبة إن الرجم كان قبل مبعث النبي ( ﷺ ) ولكن لم يكن مثل ما كان بعد مبعثه في شدة الحراسة وكانوا يسترقون في بعض الأحوال فلما بعث منعوا من ذلك أصلاً فعلى هذا القول يكون حمل الجن على الضرب في الأرض.
وطلب السبب إنما كان لكثرة الرجم ومنعهم عن الاستراق بالكلية.
الجن :( ١٠ - ١٦ ) وأنا لا ندري...
" وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا " ( ) وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض ( أي برمي الشهب ) أم أراد بهم ربهم رشداً ( ومعنى الآية لا ندري هل المقصود من المنع من الاستراق هو شر أريد بأهل الأرض أم أريد بهم صلاح وخير ) وأنا منا الصالحون ( أي المؤمنون المخلصون ) ومنا دون ذلك ( أي دون الصالحين مرتبة.
قيل المراد بهم غير الكاملين في الصلاح وهم المقتصدون فيدخل فيهم الكافر وغيره ) كنا طرائق قدداً ( أي جماعات متفرقين وأصنافاً مختلفة والقدة القطعة من الشيء، قال مجاهد يعنون مسلمين وكافرين.
وقيل أهواء مختلفة وشيعاً متفرقة لكل فرقة هوى كأهواء الناس وذلك أن الجن فيهم القدرية والمرجئة والرافضة والخوارج وغير ذلك من أهل الأهواء، فعلى هذا التفسير يكون معنى طرائق قدداً أي سنصير طرائق قدداً وهو بيان للقسمة المذكورة أي كنا ذوي مذاهب مختلفة متفرقة، وقيل معناه كنا في اختلاف أحوالنا مثل الطرائق المختلفة ) وأنا ظننا ( الظن هنا بمعنى العلم واليقين أي علمنا وأيقنا ) أن لن نعجز الله في الأرض ( أي لن نفوته إن أراد بنا أمراً ) ولن نعجزه هرباً ( أي إن طلبنا فلن نعجزه أينما كنا ) وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به ( أي لما سمعنا القرآن آمنا به وبمحمد ( ﷺ ) ) فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ( أي نقصاناً من عمله وثوابه ) ولا رهقاً ( يعني ظلماً وقيل مكروهاً يغشاه ) وأنا منا المسلمون ( وهم الذين آمنوا بالنبي ( ﷺ ) ) ومنا القاسطون ( أي الجائرون العادلون عن الحق، قال ابن عباس وهم الذين جعلوا لله أنداداً ) فمن أسلم فأولئك تحروا رشداً ( أي قصدوا طريق الله وتوخوه ) وأما القاسطون ( يعني الذين كفروا ) فكانوا لجهنم حطباً ( يعني وقوداً للنار يوم القيامة.
فإن قلت قد يتمسك بظاهر هذه الآية من لا يرى لمؤمني الجن ثواباً وذلك لأن الله تعالى ذكر عقاب الكافرين منهم ولم يذكر ثواب المؤمنين منهم.
قلت ليس فيه تمسك له وكفى بقوله فأولئك تحروا رشداً فذكر سبب الثواب والله أعدل وأكرم من أن يعاقب القاسط ولا يثيب الراشد.
فإن قلت كيف يعذب الجن بالنار وقد خلقوا منها.
قلت وإن خلقوا من النار فقد تغيروا عن تلك الهيئة وصاروا خلقاً آخر والله تعالى قادر أن يعذب النار بالنار قوله عز وجل :( وأن لو استقاموا على الطريقة (.


الصفحة التالية
Icon