صفحة رقم ١٦٩
حسناً لا جزع فيه وهذه الآية منسوخة بآية القتال.
المزمل :( ١١ - ٢٠ ) وذرني والمكذبين أولي...
" وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا السماء منفطر به كان وعده مفعولا إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرؤوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم " ( ) وذرني والمكذبين ( أي دعني ومن كذبك لا تهتم به فإني أكفيكه ) أولي النعمة ( أي أصحاب النعم والترفه نزلت في صناديد قريش المستهزئين وقيل نزلت في المطعمين ببدر ) ومهلهم قليلاً ( يعني إلى يوم بدر فلم يكن إلا يسير حتى قتلوا ببدر.
وقيل أراد بالقليل أيام الدنيا ثم وصف عذابهم فقال تعالى :( إن لدينا ( أي عندنا في الآخرة ) أنكالاً ( يعني قيوداً عظاماً ثقالاً لا تنفك أبداً وقيل أغلالاً من حديد ) وجحيماً وطعاماً ذا غصة ( أي غير سائغ في الحلق لا ينزل ولا يخرج وهو الزقوم والضريع ) وعذاباً أليماً ( أي وجيعاً ) يوم ترجف الأرض والجبال ( أي تتزلزل وتتحرك وهو يوم القيامة ) وكانت الجبال كثيباً مهيلاً ( يعني رملاً سائلاً وهو الذي إذا أخذت منه شيئاً يتبعك ما بعده ) إنا أرسلنا إليكم ( يعني يا أهل مكة ) رسولاً ( يعني محمداً ( ﷺ ) ) شاهداً عليكم ( أي بالتبليغ وإيمان من آمن منكم وكفر من كفر ) كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً ( يعني موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام، قيل إنما خص فرعون وموسى بالذكر من بين سائر الأمم والرسل لأن محمداً ( ﷺ ) آذاه أهل مكة واستخفوا به لأنه ولد فيهم كما أن فرعون ازدرى بموسى وآذاه لأنه رباه ) فعصى فرعون الرسول فأخذناه ( أي فرعون ) أخذاً وبيلاً ( أي شديداً ثقيلاً يعني عاقبناه عقوبة غليظة، خوَّف بذلك كفار مكة ثم خوَّفهم يوم القيامة فقال تعالى :( فكيف تتقون إن كفرتم ( أي كيف لكم بالتّقوى يوم القيامة إن كفرتم أي في الدنيا، المعنى لا سبيل لكم إلى التّقوى إذا وافيتم القيامة.
وقيل معنى الآية فكيف تتقون العذاب يوم القيامة، وبأي شيء تتحصنون من عذاب ذلك اليوم، وكيف تنجون منه إن كفرتم في الدّنيا ) يوماً يجعل الولدان شيباً ( يعني شيوخاً شمطاً من هول ذلك اليوم وشدته وذلك حين يقال لآدم عليه الصّلاة والسّلام قم، فابعث بعث النار من ذريتك.
( ق ) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( يقول الله عز وجل يوم القيامة : يا آدم فيقول لبيك وسعديك ) زاد في رواية ( والخير في يديك فينادى بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعث النّار قال يا رب، وما بعث النار ؟ قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، فحينئذ تضع الحامل حملها، ويشيب الوليد وترى النّاس سكارى، وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم قالوا : يا رسول الله أينا ذلك الرجل فقال النبي ( ﷺ ) أبشروا فإن من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعاً وتسعين ومنكم واحد ثم قال : أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثّور الأبيض، أو كالشّعرة البيضاء في جنب الثّور الأسود، وفي رواية كالرّقمة في ذراع الحمار، وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، فكبرنا ثم قال : ثلث أهل الجنة فكبرنا ثم قال شطر أهل الجنة فكبرنا ) أما ما يتعلق بمعنى الحديث فقوله أن تخرج من ذريتك بعث النار فمعناه ميز أهل الجنة من أهل النار وأما الرقمة بفتح الراء وإسكان القاف فهي الأثرة في باطن عضد الحمار وقوله إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة وثلث أهل الجنة وشطر أهل الجنة فيه البشارة العظيمة لهذه الأمة وجعلهم ربع أهل الجنة أولا ثم الثلث ثن الشطر لفائدة حسنة وهي أن ذلك أوقع في نفوسهم وأبلغ في إكرامهم فإن إعفاء الإنسان مرة بعد مرة دليل على الاعتناء به ودوام ملاحظته وفيه تكرير البشارة مرة بعد أخرى وفيه أيضا حملهم على تجديد شكر الله وحمده على