صفحة رقم ١٧٨
يجمع أكثر القليل، وأقل الكثير، ووجه ذلك أن الآحاد أقل الأعداد وأكثرها تسعة، وأقل الكثير عشرة فوقع الاقتصار على عدد يجمع أقل الكثير وأكثر القليل لهذه الحكمة، وما سوى ذلك من الأعداد فكثير لا يدخل تحت الحصر.
وأجيب عن قولهم كيف يقدر هذا العدد القليل على تعذيب جميع أهل النّار، وذلك بأن الله جلّ جلاله يعطي هذا القليل من القوة والقدرة ما يقدرون به على ذلك، فمن اعترف بكمال قدرة الله، وأنه على كل شيء قدير وأن أحوال القيامة على خلاف أحوال الدنيا زال عن قلبه هذا الاستبعاد بالكلية.
) ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ( يعني أن هذا العدد مكتوب في التّوراة والإنجيل أنهم تسعة عشر ) ويزداد الذين آمنوا إيماناً ( يعني من آمن من أهل الكتاب يزدادون تصديقاً بمحمد ( ﷺ )، وذلك أن العدد كان موجوداً في كتابهم وأخبر به النّبي ( ﷺ ) على وفق ما عندهم من غير سابقة دراسة، وتعلم علم إنما حصل له ذلك بالوحي السّماوي، فازدادوا بذلك إيماناً وتصديقاً بمحمد ( ﷺ ) :( ولا يرتاب ( أي ولا يشك ) الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون ( يعني في عددهم وإنما قال ولا يرتاب وإن كان الاستيقان يدل على نفي الارتياب ليجمع لهم بين إثبات اليقين ونفي الشّك، وذلك أبلغ وآكد لأن فيه تعريضاً بحال غيرهم كأنه قال : وليخالف حالهم حال الناس المرتابين من أهل الكفر، والنفاق ) وليقول الذين في قلوبهم مرض ( أي شك ونفاق ) والكافرون ( أي مشركو مكة.
المدثر :( ٣٣ - ٤١ ) والليل إذ أدبر
" والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر إنها لإحدى الكبر نذيرا للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين " ( ) واللّيل إذ أدبر ( أي ولى ذاهباً، وقيل دبر بمعنى أقبل تقول العرب دبرني فلان أي جاء خلفي فاللّيل يأتي خلف النهار