صفحة رقم ١٨٧
إليهم من النظر إلى ربهم تبارك وتعالى : والأحاديث في الباب كثيرة وهذا القدر كاف والله أعلم قوله عز وجل ) ووجوه يومئذ باسرة ( أي عابسة كالحة متغيرة مسودة قد أظلمت ألوانها وعدما آثار النعمة والسرورمنها لو أدركها من اليأس من رحمة الله تعالى وذلك حين يميز بين أهل الجنة والنار ) نظن ( أي تستيقن والظن هنا بمعنى اليقين ) أن يفعل بها فاقرة ( أن يفعل بهم أمر عظيم من العذاب ولافاقرة الداهية العظيمة والأمر الشديد الذي يكسر فقار الظهر ويقصمه وقيل الفاقرة دخول النار وقيل هي أن تحجب تلك الوجوه عن رؤية الله تعالى ) كلا ( أي حقا ) إذا بلغت ) ٦ يعني النفس كناية من غير مذكور ) التراقي ( جمع ترقوة وهي العظام التي ثغرة النحر والعائق ويكنى ببلوغ النفس التراقي عن الأشراف على الموت ومنه قول دريد ابن الصمة : ورب عظيمة دافعت عنها
وقد بلغت نفوسهم التراقي
وقيل يعني وقال من حضره ) من راق ( أي هل من طبيب يرقيه ويداويه مما نزل به ويشفيه ويخلصه من ذلك برقيته ودوائه وقيل لما نزل به من قضاء الله ما نزل التمسوا له الأطباء فلم يغنوا عنه قضاء الله شيئا وقيل هذا من قول الملائكة الذين يحضورنه عند الموت يقول بعضهم لبعض من يرقى بروحه إذا خرجت فيصعد بها ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب ) وظن ( أي أيقن الذي بلغت روحه بالتراقي ) أنه الفراق ( يعني بالخروج من الدنيا وفراق المال والأهل والولد ) والتفت ( أي اجتمعت ) الساق بالساق ( أي الشدة بالشدة يعني من شدة مفارقة الدنيا مع شدة الموت وكربه، وقيل شدة الموت بشدة الآخرة وقيل تتابعت عليه الشدائد لا تخرج من كرب إلا جاءه ما هو أشد منه، وقال ابن عباس أمر الدنيا بأمر الآخرة فكان في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، وقيل الناس يجهزون جسده والملائكة يجهزون روحه وقيل هما ساقا الميت إذا لفتا في الكفن، وقيل هما ساقاه عند الموت ألا تراه كيف يضرب بإحدى رجليه على الأخرى عند النزع، وقيل إذا مات يبست ساقاه فالتفت إحداهما بالأخرى ) إلى ربك يومئذ المساق ) )
القيامة :( ٣٠ - ٤٠ ) إلى ربك يومئذ...
" إلى ربك يومئذ المساق فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى ثم ذهب إلى أهله يتمطى أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى " ( ) إلى ربك يومئذ المساق ( أي مرجع العباد إلى الله تعالى يساقون إليه يوم القيامة ليفصل بينهم.
قوله تعالى :( فلا صدق ولا صلى ( يعني أبا جهل لم يصدق بالقرآن، ولم يصلِّ لله تعالى :( ولكن كذب وتولى ( أي أعرض عن الإيمان والتصديق ) ثم ذهب إلى أهله يتمطى ( أي يتبختر ويختال في مشيته، وقيل أصله يتمطط أي يتمدد من المط، وقيل من المطا وهو الظهر لأنه يلويه.
) أولى لك فأولى ( هذا وعيد على وعيد من الله تعالى لأبي جهل.
وهي كلمة موضوعة للتهديد والوعيد ومعناه، ويل لك مرة بعد مرة وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكرهه، وقيل معناه أنك أجدر بهذا


الصفحة التالية
Icon