صفحة رقم ١٩١
جميع الطاعات من الأيمان والصلاة، والزكاة والصوم والحج، والعمرة، وغير ذلك من الواجبات، وقيل النذر في عرف الشرع واللغة أن يوجب الرجل على نفسه شيئاً ليس بواجب عليه، وذلك بأن يقول : لله عليَّ كذا وكذا من صدقة أو صلاة أو صوم أو حج أو عمرة يعلق ذلك بأمر يلتمسه من الله.
وذلك بأن يقول إن شفى الله مريضي أو قدم غائبي كان لله عليَّ كذا، ولو نذر في معصية لا يجب الوفاء به
( خ ) عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول ( من نذر أن يطيع الله فليف بنذره، ومن نذر أن يعصي الله فلا يف به ) وفي رواية ( فليطعه ولا يعصه ) وعنها أن رسول الله ( ﷺ ) قال ( لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين ) أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي
( ق ) عن ابن عباس قال :( استفتى سعد بن عبادة رسول الله ( ﷺ ) في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه فأمره أن يقضيه عنها ) أخرجه الجماعة.
وفي الآية دليل على وجوب الوفاء بالنذر، وهذا مبالغة في وصفهم بأداء الواجبات لأن من وفى بما أوجبه على نفسه كان لما أوجبه الله عليه أوفى.
) ويخافون يوماً كان شره مستطيراً ( أي منتشراً فاشياً ممتداً، وقيل استطار خوفه في أهل السموات والأرض، وفي أولياء الله وأعدائه، وقيل فشا سره في السموات.
فانشقت وتناثرت الكواكب وفزعت الملائكة وكورت الشمس، والقمر، وفي الأرض فتشققت الجبال وغارت المياه وكسر كل شيء على الأرض من جبل وبناء، والمعنى أنهم يوفون بالنذر وهم خائفون من شر ذلك اليوم وهوله وشدته.
قوله عز وجل :( ويطعمون الطعام على حبه ( أي حب الطعام وقلته وشهوتهم له والحاجة إليه فوصفهم الله تعالى : بأنهم يؤثرون غيرهم على أنفسهم بالطعام، ويواسون به أهل الحاجة، وذلك لأن أشرف أنواع الإحسان والبر إطعام الطعام.
لأن به قوام الأبدان، وقيل على حب الله عز وجل أي لحب الله ) مسكيناً ( يعني فقيراً وهو الذي لا مال له ولا يقدر على الكسب ) ويتيماً ( أي صغيراً وهو الذي لا أب له يكتسب له، وينفق عليه ) وأسيراً ( قيل هو المسجون من أهل القبلة يعني من المسلمين، وقيل هو الأسير من أهل الشرك أمر الله بالأسرى أن يحسن إليهم وإن أسراهم يومئذ أهل الشرك فعلى هذا الوجه يجوز إطعام الأسرى وإن كانوا على غيرديننا وأنه يرجى ثوابه ولا يجوز أن يعطوا من الصدقة الواجبة كالزكاة والكفارة وقيل الأسير المملوك وقيل الأسير المرأ ' لقول النبي ( ﷺ ) ' اتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوان ' يعني أسرى وقيل غريمك أسيرك فاحسن إلى أسيرك.
واختلفوا في سبب نزول الآية فقيل نزلت في رجل من الأنصار ياقل له أبو الدحداح صام يوما فلما كان وقت الإفطار جاءه مسكين ويتيم وأسير فأطعمهم ثلاثة أرغفة وبقي له ولأهله رغيف واحد فنزلت هذه الآية فيه وروى عن ابن عباس أنها نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله