صفحة رقم ٢٤٥
الشيء بعضه ببعض ؛ وقيل هذا على الاستعارة، لأن السوط غاية العذاب فجرى ذلك لكل نوع منه.
وقيل جعل سوطه الذي ضربهم به العذاب، وكان الحسن إذا قرأ هذه الآية يقول إن عند الله أسواطاً كثيرة، فأخذهم بسوط منها.
) إن ربك لبالمرصاد ( قال ابن عباس يعني بحيث يرى ويسمع، وقيل عليه طريق العباد، لا يفوته أحد وقيل عليه ممر الناس لأن الرصد والمرصاد الطريق.
وقيل ترجع الخلق إلى حكمه وأمره وإليه مصيرهم، وقيل إنه يرصد أعمال بني آدم.
والمعنى أنه لا يفوته شيء من أعمال العباد، كما لا يفوت من المرصاد، وقد قيل أرصد النار على طريقهم حتى تهلكهم.
قوله عزّ وجلّ :( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ( أي امتحنه ) ربه ( أي بالنعمة ) فأكرمه ( أي بالمال ) ونعمه ( أي بما يوسع عليه ) فيقول ربي أكرمن ( أي بما أعطاني من المال والنعمة.
الفجر :( ١٦ - ٢١ ) وأما إذا ما...
" وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلا لما وتحبون المال حبا جما كلا إذا دكت الأرض دكا دكا " ( ) وأما إذا ما ابتلاه ( يعني بالفقر ) فقدر عليه ( أي فضيق عليه، وقيل قتر.
) رزقه ( أي وقد أعطاه ما يكفيه.
) فيقول ربي أهانن ( أي أذلني بالفقر، قيل نزلت في أمية بن خلف الجمحي الكافر، وقيل ليس المراد به واحداً بعينه، بل المراد جنس الكافر، وهو الذي تكون الكرامة والهوان عنده بكثرة المال والحظ في الدنيا وقلته فرد الله تعالى على من ظن أن سعة الرزق إكرام وأن الفقر إهانة فقال تعالى :( كلا ( أي ليس الأمر كذلك، أي لم أبتله بالغنى لكرامته، ولم أبتله بالفقر لهوانه، فأخبر أن الإكرام والإهانة لا يدوران على المال، وسعة الرزق وقلته، ولكن الغنى والفقر بتقدير الله جلّ جلاله وحكمته فقد يوسع على الكافر لا لكرامته، ويضيق على المؤمن لا لهوانه، لكن لأمر اقتضته حكمة الله تعالى، وإنما يكرم المرء بطاعته، ويهينه بمعصيته، وقد يوسع على الإنسان من أصناف المال ليختبره، أيشكر أم يكفر، ويضيق عليه ليختبره، أيصبر أم يضجر، ويقلق.
) بل لا تكرمون اليتيم ( أي لا يعطونه حقه الثابت له في الميراث قال مقاتل : كان قدامة بن مظعون يتيماً في حجر أمية بن خلف، فكان يدفعه عن حقه.
) ولا تحضون على طعام المسكين ( أي لا يطعمون مسكيناً، ولا يأمرون بإطعامه، وقرىء ولا يحاضون ومعناه، ولا يحض بعضهم بعضاً على ذلك.
) وتأكلون التراث ( أي الميراث ) أكلاً لمّاً ( أي شديداً، والمعنى أنه يأكل نصيبه ونصيب غيره، وذلك أنهم كانوا في الجاهلية لا يورثون النساء، ولا الصبيان، ويأكلون نصيبهم، وقيل الآكل