صفحة رقم ٢٥٦
الصديق، وذلك أنه اشترى بلالاً من أمية بن خلف ببردة وعشرة أواق فأعتقه، فأنزل الله تعالى ) والليل إذا يغشى ( " إلى قوله ) إن سعيكم لشتى ( " يعني سعي أبي بكر وأمية بن خلف، وقيل كان لرجل من الأنصار نخلة وفرعها في دار رجل فقير وله عيال، فكان صاحب النخلة إذا طلع نخلته ليأخذ منها التمر فربما سقطت التمرة، فيأخذها صبيان ذلك الفقير، فينزل الرجل عن نخلته حتى يأخذ التمرة من أيديهم وإن وجدها في فم أحدهم أدخل أصبعه في فيه حتى يخرجها فشكا ذلك الرّجل الفقير إلى النبي ( ﷺ ) فلقي النّبي ( ﷺ ) صاحب النّخلة فقال له :( تعطيني نخلتك التي فرعها في دار فلان، ولك بها نخلة في الجنة ) )
الليل :( ١١ - ١٨ ) وما يغني عنه...
" وما يغني عنه ماله إذا تردى إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة والأولى فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى " ( قوله عز وجل :( وما يغني عنه ماله ( أي الذي بخل به ) إذا تردى ( أي إذا مات، وقيل هوى في جهنم ) إن علينا للهدى ( أي إن علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضّلالة وذلك أنه لما عرفهم ما للمحسن من اليسرى، وما للمسيء من العسرى أخبرهم أن بيده الإرشاد والهداية وعليه تبيين طريقها، وقيل معناه إن علينا للهدى والإضّلال فاكتفى بذكر أحدهما، والمعنى أرشد أوليائي إلى العمل بطاعتي وأصرف أعدائي عن العمل بطاعتي، وقيل معناه من سلك سبيل الهدى فعلى الله سبيله.
) وإن لنا للآخرة والأولى ( أي لنا ما في الدّنيا والآخرة فمن طلبهما من غير مالكهما فقد أخطأ الطريق ) فأنذرتكم ( أي يا أهل مكة ) ناراً تلظى ( أي تتوقد وتتوهج ) لا يصلاها إلا الأشقى ( يعني الشّقي ) الذي كذب ( يعني الرّسل ) وتولى ( أي عن الإيمان ) وسيجنبها الأتقى ( يعني التّقي ) الذي يؤتي ( أي يعطي ) ماله يتزكى ( أي يطلب عند الله أن يكون زاكياً لا يطلب بما ينفقه رياء ولا سمعة وهو أبو بكر الصديق في قول جميع المفسرين قال ابن الزبير : كان يبتاع الضعفاء فيعتقهم، فقال له أبوه أي بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك، قال منع ظهري أريد فأنزل الله ) وسيجنبها الأتقى ( إلى آخر السّورة، وذكر محمد ابن إسحاق قال : كان بلال لبعض بني جمح وهو بلال بن رباح، واسم أمه حمامة، وكان صادق الإسلام طاهر القلب، وكان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الشّمس فيطرحه على ظهره ببطحاء مكة ثم يأمر بالصّخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول له لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد فيقول وهو في ذلك أحد أحد قال محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه قال : مر به أبو بكر يوماً وهم يصنعون به ذلك، وكانت دار أبي بكر في بني جمح فقال لأمية : ألا تتقي الله في هذا المسكين قال : أنت أفسدته فأنقذه مما ترى فقال أبو بكر أفعل عندي غلام أسود أجلد منه، وأقوى، وهو على دينك أعطيكه قال قد فعلت فأعطاه أبو بكر غلامه وأخذ بلالاً فأعتقه، وكان قد أعتق ست رقاب على الإسلام قبل أن يهاجر بلال سابعهم، وهم عامر بن فهيرة شهد بدراً وأحداً، وقتل يوم بئر معونة شهيداً، وأم عميس وزهرة فأصيب بصرها حين أعتقها أبو بكر فقالت قريش : ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى فقالت : كذبوا ورب البيت ما تضر اللاّت، والعزى، ولا تنفعان فرد الله تعالى : عليها بصرها وأعتق النّهدية وابنتها، وكانتا لامرأة من بني عبد الدار، فرآهما أبو بكر وقد بعثتهما سيدتهما يحتطبان لها وهي تقول والله لا أعتقهما أبداً فقال أبو بكر كلا يا أم فلان فقالت كلا أنت أفسدتهما فأعتقهما، قال فبكم قالت بكذا وكذا قال أخذتهما وهما حرتا ومر بجارية من بني المؤمل وهي تعذب فابتاعها وأعتقها فقال عمار بن ياسر : يذكر بلالاً وأصحابه وما كانوا فيه من البلاء وإعتاق أبي بكر إيّاهم وكان اسم أبي بكر عتيقاً فقال في ذلك :
جزى الله عن بلال وصحبه
عتيقا وأخزى فاكها وأبا جهل
عشية هما في بلال بسوءة
ولم يحذرا أما يحذر المرء ذو العقل
بتوحيد رب الأنام وقوله
شهدت بأن الله ربي على مهل
فإن تقتلوني فاقتلوني لم أكن
لأشرك بالرحمن من خيفة القتل
فيا رب إبراهيم والعبد يونس
وموسى وعيسى نجني ثم لا تملى
لمن ظل يهوى الغى من غالب
على غير حق كانه منه ولا عدل
قال سعيد بن المسيب بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر في بلال حين قال له أتبعيه قال نعم أبيعه بنسطاس عبد لأبي بكر وكان نسطاس صاحب عشرة الآف دينار وغلمان وجوار ومواش وكان مشركا حمله أبو بكر على الإسلام على أن يكون ماله له فأبى فأبغضه أبو بكر فلما قال أمية أبيعه نسطاس اغتنمه أبو بكر وباعه به فقال المشركون ما فعل ذلك أبو بكر


الصفحة التالية
Icon