صفحة رقم ٢٩٠
) وما أدراك ما الحطمة ( أي نار لا كسائرالنيران ) نار الله ( إنما أضافها إليه على سبيل التفخيم والتعظيم لها ) الموقدة ( أي لا تخمد أبداً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( أوقد على النّار ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة ) أخرجه التّرمذي قال ويروى عن أبي هريرة موقوفاً وهو أصح ) التي تطلع على الأفئدة ( أي يبلغ ألمها ووجعها إلى القلوب، والمعنى أنها تأكل كل شيء حتى تنتهي إلى الفؤاد، وإنما خص الفؤاد بالذكر لأنه ألطف شيء في بدن الإنسان، وأنه يتألم بأدنى شيء، فكيف إذا اطلعت عليه واستولت عليه، ثم إنه مع لطافته لا يحترق إذ لو احترق لمات صاحبه، وليس في النار موت، وقيل إنما خصه بالذكر لأن القلب موطن الكفر، والعقائد، والنيات الفاسدة.
) إنها عليهم مؤصدة ( أي مطبقة مغلقة ) في عمد ممدة ( قال ابن عباس : أدخلهم في عمد فمدت عليهم بعماد وفي أعناقهم السلاسل سدت عليهم بها الأبواب، وقال قتادة : بلغنا أنهم عمد يعذبون بها في النّار، وقيل هي أوتاد الأطباق التي تطبق على أهل النار، والمعنى أنها مطبقة عليهم بأوتاد ممدودة، وقيل أطبقت الأبواب عليهم ثم سدت بأوتاد من حديد من نار حتى يرجع عليهم غمها وحرها، فلا ينفتح عليهم باب، ولا يدخل عليهم روح، وممددة صفة العمد، أي مطولة فتكون أرسخ من القصيرة نعوذ بالله من النار، وحرها والله سبحانه وتعالى أعلم.
سورة الفيل
تفسير سورة الفيل مكية وهي خمس آيات وعشرون كلمة وستة وتسعون حرفا.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
الفيل :( ١ ) ألم تر كيف...
" ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل " ( قوله عزّ وجلّ :( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ( كانت قصة أصحاب الفيل على ما ذكره محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير، وعكرمة عن ابن عباس، وذكره الواقدي أن النجاشي ملك الحبشة كان بعث أرياط إلى اليمن، فغلب عليها فقام رجل من الحبشة يقال له أبرهة بن الصّباح بن يكسوم، فساخط أرياط في أمر الحبشة حتى انصدعوا صدعين، فكان طائفة مع أرياط، وطائفة مع أبرهة، فتزاحفا فقتل أبرهة أرياط، واجتمعت الحبشة لأبرهة، وغلب على اليمن، وأقره النّجاشي على عمله، ثم إن أبرهة رأى النّاس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة لحج بيت الله عزّ وجلّ، فبنى كنيسة بصنعاء، وكتب إلى النّجاشي إني قد بنيت لك بصنعاء كنيسة لم يبن لملك مثلها، ولست منتهياً حتى أصرف إليها حج العرب فسمع بذلك مالك


الصفحة التالية
Icon