صفحة رقم ٢٩١
بن كنانة فخرج لها ليلاً، فدخل وتغوط فيها ولطّخ بالعذرة قبلتها، فبلغ ذلك أبرهة فقال : من اجترأ عليّ، فقيل صنع ذلك رجل من العرب من أهل ذلك البيت سمع بالذي قلت، فحلف أبرهة عند ذلك ليسيرن إلى الكعبة حتى يهدمها، فكتب إلى النجاشي يخبره بذلك، وسأله أن يبعث إليه بفيله، وكان له فيل يقال له محمود، وكان فيلاً لم ير مثله عظماً، وجسماً، وقوة، فبعث به إليه، فخرج أبرهة في الحبشة سائراً إلى مكة، وخرج معهم الفيل، فسمعت العرب بذلك، فعظموه ورأوا جهاده حقاً عليهم، فخرج ملك من ملوك اليمن يقال له ذو نفر بمن أطاعه من قومه، فقاتلوه فهزمه أبرهة، وأخذ ذا نفر فقال يا أيها الملك استبقني فإن بقائي خير لك من قتلي فاستحياه وأوثقه وكان أبرهة رجلاً حليماً، ثم سار حتى إذا دنا من بلاد خثعم، خرج إليه نفيل بن حبيب الخثعمي في خثعم ومن اجتمع إليه من قبائل اليمن، فقاتلوه فهزمهم، وأخذ نفيلاً فقال نفيل أيها الملك إني دليل بأرض العرب، وهاتان يداي على قومي بالسمع والطّاعة، فاستبقاه وخرج معه يدله حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن مغيث في رجال من ثقيف فقال : أيّها الملك نحن عبيدك ليس عندنا خلاف لك، إنما تريد البيت الذي بمكة نحن نبعث معك من يدلك عليه، فبعثوا معه أبا رغال مولى لهم، فخرج حتى إذا كان بالمغمس مات أبو رغال وهو الذي يرجم قبره، وبعث أبرهة رجلاً من الحبشة يقال له الأسود بن مسعود على مقدمة خيله، وأمره بالغارة على نعم الناس، فجمع الأسود أموال أصحاب الحرم، وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير، ثم إن أبرهة أرسل بحناطة الحميري إلى أهل مكة، وقال له : سل عن شريفها، ثم أبلغه ما أرسلك به إليه أخبره أني لم آت لقتال، إنما جئت لأهدم هذا البيت، فانطلق حتى دخل مكة، فلقي عبد المطلب بن هاشم فقال له إن الملك أرسلني إليك لأخبرك أنه لم يأت لقتال، إلا أن تقاتلوه، إنما جاء لهدم هذا البيت ثم الانصراف عنكم، فقال عبد المطلب : ما له عندنا قتال ولا لنا به يد إنا سنخلي بينه وبين ما جاء له، فإن هذا بيت الله الحرام، وبيت إبراهيم خليله عليه الصّلاة والسّلام، فإن يمنعه فهو بيته وحرمه وإن يخل بينه وبين ذلك فوالله ما لنا به قوة قال فانطلق معي إلى الملك، فزعم بعض العلماء أنه أردفه على بغلة كان عليها، وركب معه بعض بنيه حتى قدم على العسكر، وكان ذو نفر صديقاً لعبد المطلب، فأتاه فقال : يا ذا نفر هل عندك من غناء فيما نزل بنا ؟ قال فما غناء رجل أسير لا يأمن من أن يقتل بكرة