صفحة رقم ٣٥
اليهود والنصارى، ) فطال عليهم الأمد ( أي الزمان الذي بينهم وبين أنبيائهم ) فقست قلوبهم ( قال ابن عباس مالوا إلى الدنيا وأعرضوا عن مواعظ القرآن والمعنى أن الله نهى المؤمنين أن يكونوا في صحبة القرآن كاليهود والنصارى الذين قست قلوبهم لما طال عليهم الدهر روي عن أبي موسى الأشعري أنه بعث إلى قراء البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرؤوا القرآن فقال أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم قاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم ) وكثير منهم فاسقون ( يعني الذين تركوا الإيمان بعيسى ومحمد ( ﷺ ) قوله عز وجل :( اعلموا أن الله يحيي الأرض ( أي بالمطر ) بعد موتها ( أي يخرج منها النبات بعد يبسها فكذلك يقدر على إحياء الموتى وقال ابن عباس يلين القلوب بعد قسوتها فيجعلها مخبتة منيبة وكذلك يحيي القلوب الميتة بالعلم والحكمة وإلا فقد علم إحياء الأرض بالمطر مشاهدة ) قد بينا لكم الآيات ( أي الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا ) لعلكم تعقلون إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً ( أي بالنفقة والصدقة في سبيل الله ) يضاعف لهم ( أي ذلك القرض ) ولهم أجر كريم ( أي ثواب حسن وهو الجنة.
الحديد :( ١٩ - ٢٠ ) والذين آمنوا بالله...
" والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور " ( ) والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصديقون ( أي الكثير والصدق قال مجاهد كل من آمن بالله ورسوله فهو صديق وتلا هذه الآية فعلى هذا الآية عامة في كل من آمن بالله ورسوله وقيل إن الآية خاصة في ثمانية نفر من هذه الأمة سبقوا أهل الأرض في زمانهم إلى الإسلام وهم أبو بكر وعلي وزيد وعثمان وطلحة والزبير وسعد وحمزة وتاسعهم عمر بن الخطاب ألحقه الله بهم لما عرف من صدق نيته، ) والشهداء عند ربهم ( قيل أراد بالشهداء المؤمنين المخلصين قال مجاهد كل مؤمن صديق شهيد وتلا هذه الآية وقيل هم التسعة الذين تقدم ذكرهم وقيل تم الكلام عند قوله هم الصديقون ثم ابتدأ والشهداء عند ربهم وهم الأنبياء الذين يشهدون على الأمم يروى ذلك عن ابن عباس وقيل هم الذين استشهدوا في سبيل الله، ) لهم أجرهم ( أي بما عملوا من العمل الصالح ) ونورهم ( يعني على الصراط ) والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ( لما ذكر حال المؤمنين أتبعه بحال الكافرين.
قوله عز وجل :( اعلموا أنما الحياة الدنيا ( أي مدة الحياة في هذه الدار الدنيا وإنما أراد من صرف حياته في غير طاعة الله فحياته مذمومة ومن صرف حياته في طاعة الله فحياته خير كلها