صفحة رقم ٣٧
أي إثبات ذلك على كثرته هين على الله عز وجل :( لكيلا تأسوا ( أي تحزنوا ) على ما فاتكم ( من الدنيا ) ولا تفرحوا ( أي لا تبطروا ) بما آتاكم ( أي أعطاكم قال عكرمة ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن ولكن اجعلوا الفرح شكراً والحزن صبراً قال صاحب الكشاف : إن قلت ما من أحد يملك نفسه عند مضرة تنزل به ولا عند منفعة ينالها أن لا يحزن ولا يفرح قلت المراد الحزن المخرج إلى ما يذهل صاحبه عن الصبر والتسليم لأمر الله ورجاء ثواب الصابرين والفرح المطغي الملهي عن الشكر فأما الحزن الذي لا يكاد الإنسان يخلو منه مع الاستسلام والسرور بنعمة الله والاعتداد بها مع الشكر فلا بأس بهما والله أعلم وقال جعفر بن محمد الصادق يا ابن آدم ما لك تأسف على مفقود لا يرده إليك الفوت وما لك تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت، ) والله لا يحب كل مختال ( أي متكبر بما أوتي من الدنيا ) فخور ( أي بذلك الذي أوتي على الناس ) الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ( قيل هذه الآية متعلقة بما قبلها والمعنى والله لا يحب الذين يبخلون يريد إذا رزقوا مالاً وحظاً من الدنيا فلحبهم له وعزته عندهم يبخلون به ولا ينفقونه في سبيل الله ووجوه الخير ولا يكفيهم أنهم بخلوا به حتى يأمروا الناس بالبخل وقيل إن الآية كلام مستأنف لا تعلق له بما قبله وإنها في صفة اليهود الذين كتموا صفة محمد ( ﷺ ) وبخلوا ببيان نعته ) ومن يتول ( قال ابن عباس عن الإيمان ) فإن الله هو الغني ( أي عن عباده ) الحميد ( أي إلى أوليائه قوله عز وجل ) لقد أرسلنا رسلنا بالبينات ( أي بالدلالات والآيات والحجج ) وأنزلنا معهم الكتاب ( أي المتضمن للأحكام وشرائع الدين ) والميزان ( يعني بالعدل أي أمرنا بالعدل وقيل المراد بالميزان هو الآلة التي يوزن بها وهو يرجع إلى العدل أيضا وهو قوله ) ليقوم الناس بالقسط ( أي ليتعاملوا بينهم بالعدل ) أنزلنا الحديد ( قيل إن الله تعالى أنزل مع آدم عليه الصلاة والسلام لما أهبط إلى الأرض السندان والمطرقة والكلبتين وروى ابن عمر يرفعه ' إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأ ) ض الحديد والنار والماء والملح ' وقيل أنزلنا هنا بمعنى أنشأنا وأحدثنا الحديد وذلك أن الله تعالى أخرج له الحديد لهم من المعادن وعلمهم صنعته بوحيه وإلهامه ) ومنافع للناس ( أي منه ما ينتفعون به في مصالحهم كالسكين والفأس والإبرة ونحو ذلك إذ الحديد آلة لكل صنعة فلا غنى لأحد عنه ) وليعلم الله ( وأرسلنا رسلنا وأنزلنا معهم هذه الأشياء ليتعامل الناس بالحق والعدل وليرى الله ) من ينصره ( أي من ينصر دينه ) ورسله بالغيب ( أي الذين لم يرواى الله ولا الآخرة


الصفحة التالية
Icon