صفحة رقم ٥٢
جلس فيهم قوله تعالى )
المجادلة :( ١٢ ) يا أيها الذين...
" يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم " ( ) يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ( يعني إذا أردتم مناجاة رسول الله ( ﷺ ) فقدموا أمام ذلك صدقة وفائدة ذلك إعظام مناجاة رسول الله ( ﷺ ) فإن الإنسان إذا وجد الشيء بمشقة استعظمه وإن وجده بسهولة استحقره ونفع كثير من الفقراء بتلك الصدقة المقدمة قبل المناجاة قال ابن عباس إن الناس سألوا رسول الله ( ﷺ ) وأكثروا حتى شق عليه فأراد الله تعالى أن يخفف على نبيه ( ﷺ ) ويثبطهم على ذلك فأمرهم أن يقدموا صدقة على مناجاة رسول الله ( ﷺ ) وقيل نزلت في الأغنياء وذلك أنهم كانوا يأتون رسول الله ( ﷺ ) فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس حتى كره رسول الله ( ﷺ ) طول جلوسهم ومناجاتهم فلما أمروا بالصدقة كفوا عن مناجاته فأما الفقراء وأهل العسرة فلم يجدوا شيئاً وأما الأغنياء وأهل الميسرة فضنوا واشتد ذلك على أصحاب رسول الله ( ﷺ ) فنزلت الرخصة وقال مجاهد نهوا عن المناجاة حتى يتصدقوا فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب تصدق بدينار وناجاه ثم نزلت الرخصة فكان علي يقول آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي وهي آية المناجاة.
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لما نزلت ) يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ( قال لي النبي ( ﷺ ) ما ترى ديناراً قلت لا يطيقونه قال فنصف دينار قلت لا يطيقونه قال فكم قلت شعيرة قال إنك لزهيد قال فنزلت.
المجادلة :( ١٣ - ١٦ ) أأشفقتم أن تقدموا...
" أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين " ( ) أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ( الآية قال فبي خفف الله عن هذه الأمة أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب قوله قلت شعيره أي وزن شعيرة من ذهب وقوله إنك لزهيد يعني قليل المال قدرت على قدر حالك.
فإن قلت في هذه الآية منقبة عظيمة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه إذ لم يعمل بها أحد غيره.
قلت هو كما قلت وليس فيها طعن على غيره من الصحابة ووجه ذلك أن الوقت لم يتسع ليعملوا بهذه الآية ولو اتسع الوقت لم يتخلفوا عن العمل بها وعلى تقدير اتساع الوقت ولم يفعلوا ذلك إنما هو مراعاة لقلوب الفقراء الذين لم يجدوا ما يتصدقون به لو احتاجوا إلى المناجاة فيكون ذلك سبباً لحزن الفقراء إذ لم يجدوا ما يتصدقون به عند مناجاته ووجه آخر وهو أن هذه المناجاة لم تكن من المفروضات ولا من الواجبات ولا من الطاعات المندوب إليها بلى إنما كلفوا هذه