صفحة رقم ٥٦
هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم } قال المفسرون : نزلت هذه السورة في بني النضير وهم طائفة من اليهود وذلك أن النبي ( ﷺ ) لما دخل المدينة صالحه بنو النضير على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه فقبل ذلك رسول الله ( ﷺ ) فلما غزا رسول الله ( ﷺ ) بدراً وظهر على المشركين قال بنو النضير والله إنه النبي الأمي الذي نجد نعته في التوراة لا ترد له راية فلما غزا أحداً وهزم المسلمون ارتابوا وأظهروا العداوة لرسول الله ( ﷺ ) وللمؤمنين ونقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله ( ﷺ )، وركب كعب بن الأشرف في أربعين راكباً من اليهود إلى مكة فأتوا قريشاً فحالفوهم وعاقدوهم على أن تكون كلمتهم واحدة على محمد ( ﷺ ) ودخل أبو سفيان في أربعين من قريش وكعب بن الأشرف في أربعين من اليهود المسجد الحرام وأخذ بعضهم على بعض الميثاق بين أستار الكعبة ثم رجع كعب وأصحابه إلى المدينة فنزل جبريل عليه الصلاة والسلام فأخبر النبي ( ﷺ ) بما تعاقد عليه كعب وأبو سفيان وأمره بقتل كعب بن الأشرف فقتله محمد بن مسلمة غيلة ( وقد تقدمت القصة في سورة آل عمران وكان النبي ( ﷺ ) قد اطلع منهم على خيانة حين أتاهم يستعينهم في دية الرجلين المسلمين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري في منصرفه من بئر معونة فهموا بطرح حجر على النبي ( ﷺ ) من الحصن فعصمه الله منهم و أخبره بذلك وقد تقدمت القصة في سورة المائدة.
فلما قتل كعب بن الأشرف أصبح رسول الله ( ﷺ ) وأمر الناس بالمسير إلى بني النضير وكانوا بقرية يقال لها زهرة فلما سار إليها النبي ( ﷺ ) وجدهم ينوحون على كعب بن الأشرف فقالوا يا محمد واعية على أثر واعية وباكية على أثر باكية قال نعم فقالوا ذرنا نبك شجونا ثم ائتمر أمرك فقال النبي ( ﷺ ) اخرجوا من المدينة فقالوا الموت أقرب إلينا من ذلك ثم تنادوا بالحرب وأذنوا بالقتال ودس المنافقون عبد الله بن أبي وأصحابه إليهم أن لا تخرجوا من الحصين فإن قاتلوكم فنحن معكم ولا نخذلكم ولننصرنكم ولئن أخرجتم لنخرجن معكم فدربوا على الأزقة وحصنوها ثم إنهم أجمعوا على الغدر برسول الله ( ﷺ ) فأرسلوا إليه أن اخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك وليخرج منا ثلاثون حتى نلتقي بمكان نصف بيننا وبينك فيسمعوا منك فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا كلنا فخرج النبي ( ﷺ ) في ثلاثين من أصحابه وخرج إليه ثلاثون حبراً من اليهود حتى كانوا في براز من الأرض فقال بعض اليهود لبعض كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلاً من أصحابه كلهم يحب الموت قبله ولكن أرسلوا إليه كيف نفهم ونحن ستون اخرج في ثلاثة من أصحابك ويخرج إليك كثلاثة من علمائنا فيسمعون منك فإن آمنوا بك آمنا بك وصدقناك، فخرج رسول الله ( ﷺ ) في ثلاثة من أصحابه وخرج ثلاثة من اليهود معهم الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله ( ﷺ ) فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى أخيها وهو رجل مسلم من الأنصار فأخبرته بما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله ( ﷺ ) فأقبل أخوها سريعاً حتى أدرك النبي ( ﷺ ) فساره بخبرهم قبل أن يصل إليهم فرجع النبي ( ﷺ ) فلما كان من الغد صبحهم رسول الله ( ﷺ ) بالكتائب فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة فقذف الله في قلوبهم الرعب وأيسوا


الصفحة التالية
Icon