صفحة رقم ٧٦
إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم " ( ) إن يثقفوكم ( أي يظفروا بكم ويروكم ) يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء ( أي بالضرب والقتل والشم والسب ) وودوا ( أي تمنوا ) لو تكفرون ( أي ترجعون إلى دينهم كما كفروا والمعنى أن أعداء الله لا يخلصون المودة لأولياء الله ولا يناصحونهم لما بينهم من الخلاف فلا تناصحوهم أنتم ولا توادوهم ) لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم ( أي لا يدعونكم ولا يحملنكم ذوو أرحامكم وقراباتكم وأولادكم الذين بمكة إلى خيانة رسول الله ( ﷺ ) والمؤمنين وترك مناصحتهم ونقل أخبارهم وموالاة أعدائهم فإنه لا تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم الذين عصيتم الله لأجلهم ) يوم القيامة يفصل بينكم ( أي يدخل أهل طاعته الجنة وأهل معصيته النار ) والله بما تعملون بصير ( قوله تعالى :( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم ( يخاطب حاطباً ولامؤمنين ويأمرهم بالاقتداء بإبراهيم عليه الصلاة والسلام، ) والذين معه ( أي من أهل الإيمان ) إذ قالوا لقومهم ( يعني المشركين ) إنا برآء منكم ( جمع بريء ) ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم ( أي جحدناكم وأنكرنا دينكم ) وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده ( والمعنى أن إبراهيم عليه السلام وأصحابه تبرؤوا من قومهم وعادوهم لكفرهم فأمر حاطباً والمؤمنين أن يتأسوا بهم ) إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك ( يعني لكم أن تتأسوا بإبراهيم في جميع أموره إلا في الاستغفار لأبيه المشرك فلا تتأسوا به فإن إبراهيم كان قد قال لأبيه لأستغفرن لك فلما تبين له إقامته على الكفر تبرأ منه ) وما أملك لك من الله من شيء ( هذا من قول إبراهيم لأبيه يعني ما أغني عنك ولا أدفع عنك عذاب الله إن عصيته وأشركت به وإنما وعده بالاستغفار رجاء إسلامه وكان من دعاء إبراهيم ومن معه من المؤمنين ) ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا ( أي لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على الحق، وقيل معناه لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فيقولوا لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم ذلك ) واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم (.
الممتحنة :( ٦ - ٨ ) لقد كان لكم...
" لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " ( ) لقد كان لكم فيهم ( يعني في إبراهيم ومن معه ) أسوة حسنة ( أي اقتداء حسن ) لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر ( أي إن هذه الأسوة لمن يخاف الله ويخاف عذاب الآخرة ) ومن يتول ( أي يعرض عن الإيمان ويوالي الكفار ) فإن الله هو الغني ( أي عن خلقه ) الحميد ( أي إلى أهل طاعته وأوليائه فلما أمر الله المؤمنين بعداوة الكفار عادى المؤمنون أقرباءهم المشركين