﴿ الشَّيْطَـانُ يَعِدُكُمُ ﴾ [البقرة : ٢٦٨] في الإنفاق ﴿ الْفَقْرَ ﴾ ويقول لكم إن عاقبة إنفاقكم أن تفتقروا، والوعد يستعمل في الخير والشر ﴿ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَآءِ ﴾ [البقرة : ٢٦٨] ويغريكم على البخل ومنع الصدقات إغراء الآمر للمأمور والفاحش عند العرب البخيل ﴿ وَاللَّهُ يَعِدُكُم ﴾ [البقرة : ٢٦٨] في الإنفاق ﴿ مَّغْفِرَةً مِّنْهُ ﴾ [البقرة : ٢٦٨] لذنوبكم وكفارة لها ﴿ وَفَضْلا ﴾ وأن يخلف عليكم أفضل مما أنفقتم، أو وثواباً عليه في الآخرة ﴿ وَاللَّهُ وَاسِعٌ ﴾ [البقرة : ٢٤٧] يوسع على من يشاء ﴿ عَلِيمٌ ﴾ بأفعالكم ونياتكم.
﴿ يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ ﴾ [البقرة : ٢٦٩] علم القرآن والسنة، أو العلم النافع الموصل إلى رضا الله والعمل به، والحكيم عند الله هو العالم العامل ﴿ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ ﴾ [البقرة : ٢٦٩] ومن يؤت : يعقوب أي ومن يؤته الله الحكمة ﴿ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [البقرة : ٢٦٩] تنكير تعظيم أي أوتي خيراً أيّ خير كثير.
﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الالْبَـابِ ﴾ [البقرة : ٢٦٩] وما يتعظ بمواعظ الله إلا ذوو العقول السليمة أو العلماء العمال، والمراد به الحث على
٢٠٧
العمل بما تضمنت الآي في معنى الإنفاق.
﴿ وَمَآ أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ ﴾ [البقرة : ٢٧٠] في سبيل الله أو في سبيل الشيطان ﴿ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ ﴾ [البقرة : ٢٧٠] في طاعة الله أو في معصيته ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ﴾ [البقرة : ٢٧٠] لا يخفى عليه وهو مجازيكم عليه ﴿ وَمَا لِلظَّـالِمِينَ ﴾ [البقرة : ٢٧٠] الذين يمنعون الصدقات أو ينفقون أموالهم في المعاصي أو ينذرون في المعاصي أو لا يفون بالنذور ﴿ مِنْ أَنصَارٍ ﴾ [البقرة : ٢٧٠] ممن ينصرهم من الله ويمنعهم من عقابه.
﴿ إِن تُبْدُوا الصَّدَقَـاتِ فَنِعِمَّا هِىَ ﴾ [البقرة : ٢٧١] فنعم شيئاً إبداؤها و " ما " نكرة غير موصولة ولا موصوفة، والمخصوص بالمدح هي.
فنعما هي بكسر النون وإسكان العين : أبوعمرو ومدني غير ورش.
وبفتح النون وكسر العين : شامي وحمزة وعلي.
وبكسر النون والعين : غيرهم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٠٠
﴿ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَآءَ ﴾ [البقرة : ٢٧١] وتصيبوا بها مصارفها مع الإخفاء ﴿ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ [الانفال : ١٩] فالإخفاء خير لكم.
قالوا : المراد صدقات التطوع والجهر في الفرائض أفضل لنفي التهمة حتى إذا كان المزكي ممن لا يعرف باليسار كان إخفاؤه أفضل، والمتطوع إن أراد أن يقتدي به كان إظهاره أفضل.
﴿ وَيُكَفِّرُ ﴾ بالنون وجزم الراء : مدني وحمزة وعلي.
بالياء ورفع الراء : شامي وحفص.
وبالنون والرفع : غيرهم.
فمن جزم فقد عطف على محل الفاء وما بعده لأنه جواب الشرط، ومن رفع فعلى الاستئناف والياء على معنى يكفر الله.
﴿ عَنكُم مِّن سَيِّاَاتِكُمْ ﴾ [البقرة : ٢٧١] والنون على معنى نحن نكفر ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة : ٢٦٥] من الإبداء والإخفاء ﴿ خَبِيرٌ ﴾ عالم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٠٠
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٠٨
﴿ لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاـاهُمْ ﴾ [البقرة : ٢٧٢] لا يجب عليك أن تجعلهم مهديين إلى الانتهاء عما نهوا عنه من المن والأذى والإنفاق من الخبيث وغير ذلك، وما عليك إلا أن تبلغهم النواهي فحسب ﴿ وَلَـاكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ ﴾ [البقرة : ٢٧٢] أو ليس عليك التوفيق على الهدى أو خلق الهدى وإنما ذلك إلى الله ﴿ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ ﴾ [البقرة : ٢٧٣] من مال
٢٠٨
﴿ فَلانفُسِكُمْ ﴾ فهو لأنفسكم لا ينتفع به غيركم فلا تمنوا به على الناس ولا تؤذوهم بالتطاول عليهم ﴿ وَمَا تُنفِقُونَ إِلا ابْتِغَآءَ وَجْهِ اللَّهِ ﴾ [البقرة : ٢٧٢] وليست نفقتكم إلا ابتغاء وجه الله أي رضا الله ولطلب ما عنده فما بالكم تمنون بها وتنفقون الخبيث الذي لا يوجه مثله إلى الله، أو هذا نفي معناه النهي أي ولا تنفقوا إلا ابتغاء وجه الله ﴿ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ ﴾ [البقرة : ٢٧٢] ثوابه أضعافاً مضاعفة فلا عذر لكم في أن ترغبوا عن إنفاقه وأن يكون على أحسن الوجوه وأجملها ﴿ وَأَنتُمْ لا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة : ٢٧٢] ولا تنقصون كقوله :﴿ وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شيئا ﴾ [الكهف : ٣٣] (الكهف : ٣٣).
أي لم تنقص.


الصفحة التالية
Icon