والثمانين من البقرة وعاش رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعدها أحداً وعشرين يوماً أو أحداً وثمانين أو سبعة أيام أو ثلاث ساعات ﴿ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ﴾ [البقرة : ٢٨١] أي جزاء ما كسبت ﴿ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة : ٢٨١] بنقصان الحسنات وزيادة السيآت.
﴿ يُظْلَمُونَ * يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ ﴾ أي إذا داين بعضكم بعضاً.
يقال داينت الرجل إذا عاملته بدين معطياً أو آخذاً ﴿ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ [نوح : ٤] مدة معلومة كالحصاد أو الدياس أو رجوع الحاج، وإنما احتيج إلى ذكر الدين ولم يقل إذا تداينتم إلى أجل مسمى ليرجع الضمير إليه في قوله ﴿ فَاكْتُبُوهُ ﴾ إذ لو لم يذكر لوجب أن يقال فاكتبوا الدين فلم يكن النظم بذلك الحسن، ولأنه أبين لتنويع الدين إلى مؤجل وحال.
وإنما أمر بكتابة الدين لأن ذلك أوثق وآمن من النسيان وأبعد من الجحود، والمعنى إذا تعاملتم بدين مؤجل فاكتبوه والأمر للندب.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن المراد به السلم وقال : لما حرم الله الربا أباح السلف.
وعنه : أشهد أن الله أباح السلم المضمون إلى أجل معلوم في كتابه وأنزل فيه أطول آية، وفيه دليل على اشتراط الأجل في السلم
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٠٨
﴿ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ ﴾ [البقرة : ٢٨٢] بين المتداينين ﴿ كَاتِبُ بِالْعَدْلِ ﴾ [البقرة : ٢٨٢] هو متعلق بـ كاتب صفة له أي كاتب مأمون على ما يكتب يكتب بالاحتياط لا يزيد على ما يجب أن يكتب ولا ينقص، وفيه دليل على أن يكون
٢١٣
الكاتب فقيهاً عالماً بالشروط حتى يجيء مكتوبه معدلاً بالشرع، وهو أمر للمتداينين بتخير الكاتب وأن لا يستكتبوا إلا فقيهاً ديناً حتى يكتب ما هو متفق عليه ﴿ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ ﴾ [البقرة : ٢٨٢] ولا يمتنع واحد من الكتاب ﴿ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ﴾ [البقرة : ٢٨٢] مثل ما علمه الله كتابة الوثائق لا يبدل ولا يغير وكما متعلق بأن يكتب ﴿ فَلْيَكْتُبْ ﴾ تلك الكتابة لا يعدل عنها ﴿ وَلْيُمْلِلِ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ ﴾ [البقرة : ٢٨٢] ولا يكن المملي إلا من وجب عليه الحق لأنه هو المشهود على ثباته في ذمته وإقراره به فيكون ذلك إقراراً على نفسه بلسانه.
والإملال والإملاء لغتان ﴿ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾ [البقرة : ٢٨٣] وليتق الله الذي عليه الدين ربه فلا يمتنع عن الإملاء فيكون جحوداً لكل حقه ﴿ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شيئا ﴾ [البقرة : ٢٨٢] ولا ينقص من الحق الذي عليه شيئاً في الإملاء فيكون جحوداً لبعض حقه ﴿ فَإِن كَانَ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا ﴾ [البقرة : ٢٨٢] أي مجنوناً لأن السفه خفة في العقل أو محجوراً عليه لتبذيره وجهله بالتصرف ﴿ أَوْ ضَعِيفًا ﴾ [البقرة : ٢٨٢] صبياً ﴿ أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ ﴾ [البقرة : ٢٨٢] لعي به أو خرس أو جهل باللغة ﴿ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ ﴾ [البقرة : ٢٨٢] الذي يلي أمره ويقوم به ﴿ بِالْعَدْلِ ﴾ بالصدق والحق ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ ﴾ [البقرة : ٢٨٢] واطلبوا أن يشهد لكم شهيدان على الدين ﴿ مِّن رِّجَالِكُمْ ﴾ [البقرة : ٢٨٢] من رجال المؤمنين.
والحرية والبلوغ شرط مع الإسلام وشهادة الكفار بعضهم على بعض مقبولة عندنا
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٠٨