﴿ وَالراَّسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾ [آل عمران : ٧] والذين رسخوا أي ثبتوا فيه وتمكنوا وعضوا فيه بضرس قاطع مستأنف عند الجمهور، والوقف عندهم في قوله إلا الله وفسروا المتشابه بما استأثر الله بعلمه، وهو مبتدأ عندهم والخبر يقولون آمنّا به وهو ثناء منه تعالى عليهم بالإيمان على التسليم واعتقاد الحقية بلا تكييف، وفائدة إنزال المتشابه الإيمان به، واعتقاد حقية ما أراد الله به، ومعرفة قصور أفهام البشر عن الوقوف
٢٢٢
على ما لم يجعل لهم إليه سبيلاً، ويعضده قراءة أبي ويقول الراسخون وعبد الله إن تأويله إلا عند الله.
ومنهم من لا يقف عليه ويقول بأن الراسخين في العلم يعلمون المتشابه ويقولون كلام مستأنف موضح لحال الراسخين بمعنى هؤلاء العالمون بالتأويل يقولون آمنا به أي بالمتشابه أو بالكتاب ﴿ كُلٌّ ﴾ من متشابهه ومحكمه ﴿ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ﴾ [آل عمران : ٧] من عند الله الحكيم الذي لا يتناقض كلامه ﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ ﴾ [البقرة : ٢٦٩] وما يتعظ وأصله يتذكر ﴿ إِلَّا أُوْلُوا الالْبَـابِ ﴾ [البقرة : ٢٦٩] أصحاب العقول، وهو مدح للراسخين بإلقاء الذهن وحسن التأمل.
وقيل : يقولون حال من الراسخين.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٢٠
﴿ رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا ﴾ [آل عمران : ٨] لا تملها عن الحق بخلق الميل في القلوب ﴿ بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ﴾ [آل عمران : ٨] للعمل بالمحكم والتسليم للمتشابه ﴿ وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ﴾ [آل عمران : ٨] من عندك نعمة بالتوفيق والتثبيت ﴿ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران : ٨] كثير الهبة، والآية من مقول الراسخين ويحتمل الاستئناف أي قولوها وكذلك التي بعدها وهي ﴿ رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ ﴾ [آل عمران : ٩] أي تجمعهم لحساب يوم أو لجزاء يوم ﴿ لا رَيْبَ فِيهِ ﴾ [الأنعام : ١٢] لا شك في وقوعه
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٢٣
﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران : ٩] الموعد.
والمعنى أن الإلهية تنافي خلف الميعاد كقولك " إن الجواد لا يخيب سائله " أي لا يخلف ما وعد المسلمين والكافرين من الثواب والعقاب.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [النساء : ٥٦] برسول الله ﴿ لَن تُغْنِىَ ﴾ [آل عمران : ١٠] تنفع أو تدفع ﴿ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلَـادُهُم مِّنَ اللَّهِ ﴾ [آل عمران : ١٠] من عذابه ﴿ شيئا ﴾ من الأشياء ﴿ وَأُوالَـائكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ﴾ [آل عمران : ١٠] حطبها ﴿ كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ [آل عمران : ١١] الدأب مصدر دأب في العمل إذا كدح فيه فوضع موضع ما عليه الإنسان من شأنه وحاله.
والكاف مرفوع المحل تقديره دأب هؤلاء الكفرة في تكذيب الحق كدأب من قبلهم من آل فرعون وغيرهم،
٢٢٣
أو منصوب المحل بـ " لن تغني أي لن تغني عنهم مثل ما لم تغن عن أولئك.
كداب بلا همز حيث كان : أبو عمرو.
﴿ كَذَّبُوا بِـاَايَـاتِنَآ ﴾ [الأنبياء : ٧٧] تفسير لدأبهم مما فعلوا، أو فعل بهم على أنه جواب سؤال مقدر عن حالهم، ويجوز أن يكون حالاً أي قد كذبوا ﴿ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ﴾ [الانفال : ٥٢] بسبب ذنوبهم يقال أخذته بكذا أي جازيته عليه ﴿ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [آل عمران : ١١] شديد عقابه فالإضافة غير محضة ﴿ قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الانفال : ٣٨] هم مشركو مكة ﴿ سَتُغْلَبُونَ ﴾ يوم بدر ﴿ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ ﴾ [آل عمران : ١٢] من الجهنام وهي بئر عميقة.
وبالياء فيهما : حمزة وعلي ﴿ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [آل عمران : ١٢] المستقر جهنم.
﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ ءَايَةٌ ﴾ [آل عمران : ١٣] الخطاب لمشركي قريش ﴿ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ﴾ [آل عمران : ١٣] يوم بدر ﴿ فِئَةٌ تُقَـاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران : ١٣] وهم المؤمنون ﴿ وَأُخْرَى ﴾ وفئة أخرى
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٢٣


الصفحة التالية
Icon