﴿ أؤلئك الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَـالُهُمْ ﴾ [آل عمران : ٢٢] أي ضاعت ﴿ فِى الدُّنُيَا وَالاخِرَةِ ﴾ [يوسف : ١٠١] فلهم اللعنة والخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة ﴿ وَمَا لَهُم مِّن نَّـاصِرِينَ ﴾ [آل عمران : ٢٢] جمع لوقف رؤوس الآي وإلا فالواحد النكرة في النفي يعم.
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَـابِ ﴾ [آل عمران : ٢٣] يريد أحبار اليهود وأنهم حصلوا نصيباً وافراً من التوراة.
ومن للتبعيض أو للبيان ﴿ يَدَّعُونَ ﴾ حال من الذين ﴿ إِلَى كِتَـابِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران : ٢٣] أي التوراة أو القرآن ﴿ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ﴾ [النور : ٤٨] جعل حاكماً حيث كان سبباً للحكم أو ليحكم النبي.
روي أنه عليه السلام دخل مدراسهم فدعاهم فقال له نعيم بن عمرو والحارث بن زيد : على أي دين أنت؟ قال النبي عليه السلام : على ملة إبراهيم.
قالا : إن إبراهيم كان يهودياً.
قال لهما : إن بيننا وبينكم التوراة فهلموا إليها فأبيا ﴿ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم ﴾ [النور : ٤٧] استبعاد لتوليهم بعد علمهم بأن الرجوع إلى كتاب الله واجب ﴿ وَهُم مُّعْرِضُونَ ﴾ [آل عمران : ٢٣] وهم قوم لا يزال الإعراض ديدنهم ﴿ ذَالِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ﴾ [آل عمران : ٢٤] أي ذلك التولي والإعراض بسبب تسهيلهم على أنفسهم أمر العقاب وطمعهم في الخروج من النار بعد أيام قلائل وهي أربعون يوماً أو سبعة أيام وذلك مبتدأ وبأنهم خبره ﴿ وَغَرَّهُمْ فِى دِينِهِم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [آل عمران : ٢٤] أي غرهم افتراؤهم على الله وهو قولهم نحن أبناء الله وأحباؤه فلا يعذبنا بذنوبنا إلا مدة يسيرة.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٢٨
﴿ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَـاهُمْ لِيَوْمٍ ﴾ [آل عمران : ٢٥] فكيف يكون حالهم في ذلك الوقت
٢٢٩
﴿ لا رَيْبَ فِيهِ ﴾ [الأنعام : ١٢] لا شك فيه ﴿ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ﴾ [آل عمران : ٢٥] جزاء ما كسبت ﴿ وَهُمْ ﴾ يرجع إلى كل نفس على المعنى لأنه في معنى كل الناس ﴿ لا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة : ٢٨١] بزيادة في سيئاتهم ونقصان في حسناتهم.
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ ﴾ [الزمر : ٤٦] الميم عوض من " يا " ولذا لا يجتمعان، وهذا بعض خصائص هذا الاسم كما اختص بالتاء في القسم وبدخول حرف النداء عليه، وفيه لام التعريف وبقطع همزته في " يا الله " وبالتفخيم ﴿ مَـالِكَ الْمُلْكِ ﴾ [آل عمران : ٢٦] تملك جنس الملك فتتصرف فيه تصرف الملاك فيما يملكون وهو نداء ثانٍ أي يا مالك الملك ﴿ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ ﴾ [آل عمران : ٢٦] تعطي من تشاء النصيب الذي قسمت له من الملك ﴿ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ ﴾ [آل عمران : ٢٦] أي تنزعه فالملك الأول عام والملكان الآخران خاصان بعضان من الكل.
روي أنه عليه السلام حين فتح مكة وعد أمته ملك فارس والروم فقالت اليهود والمنافقون : هيهات هيهات من أين لمحمد ملك فارس والروم هم أعز وأمنع من ذلك فنزلت ﴿ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ ﴾ [آل عمران : ٢٦] بالملك ﴿ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ ﴾ [آل عمران : ٢٦] بنزعه منه ﴿ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ﴾ [آل عمران : ٢٦] أي الخير والشر فاكتفى بذكر أحد الضدين عن الآخر، أو لأن الكلام وقع في الخير الذي يسوقه إلى المؤمنين وهو الذي أنكرته الكفرة فقال : بيدك الخير تؤتيه أولياءك على رغم من أعداءك ﴿ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران : ٢٦] ولا يقدر على شيء أحد غيرك إلا بإقدارك.
وقيل : المراد بالملك ملك العافية أو ملك القناعة.
قال عليه السلام ملوك الجنة من أمتي القانعون بالقوت يوماً فيوماً أو ملك قيام الليل.
وعن الشبلي : الاستغناء بالمكون عن الكونين تعز بالمعرفة أو بالاستغناء بالمكون أو بالقناعة وتذل بأضدادها.
ثم ذكر قدرته الباهرة بذكر حال الليل والنهار في المعاقبة بينهما، وحال الحي والميت في إخراج أحدهما من الآخر، وعطف عليه رزقه بغير حساب بقوله
٢٣٠
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٢٨


الصفحة التالية
Icon