﴿ تُولِجُ الَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ ﴾ [آل عمران : ٢٧] فالإيلاج إدخال الشيء في الشيء وهو مجاز هنا أي تنقص من ساعات الليل وتزيد في النهار، وتنقص من ساعات النهار وتزيد في الليل ﴿ وَتُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ ﴾ [آل عمران : ٢٧] الحيوان من النطفة، أو الفرخ من البيضة، أو المؤمن من الكافر ﴿ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ ﴾ [آل عمران : ٢٧] النطفة من الإنسان، أو البيض من الدجاج، أو الكافر من المؤمن ﴿ وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران : ٢٧] لا يعرف الخلق عدده ومقداره وإن كان معلوماً عنده، ليدل على أن من قدر على تلك الأفعال العظيمة المحيرة للأفهام، ثم قدر أن يرزق بغير حساب من يشاء من عباده فهو قادر على أن ينزع الملك من العجم ويذلهم ويؤتيه العرب ويعزهم.
وفي بعض الكتب : أنا الله ملك الملوك، قلوب الملوك ونواصيهم بيدي، فإن العباد أطاعوني جعلتهم عليهم رحمة، وإن العباد عصوني جعلتهم عليهم عقوبة، فلا تشتغلوا بسبب الملوك ولكن توبوا إليّ أعطفهم عليكم.
وهو معنى قولهم عليه السلام كما تكونوا يولى عليكم الحي من الميت والميت من الحي بالتشديد حيث كان : مدني وكوفي غير أبي بكر.
﴿ لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَـافِرِينَ أَوْلِيَآءَ ﴾ [آل عمران : ٢٨] نهوا أن يوالوا الكافرين لقرابة بينهم أو لصداقة قبل الإسلام أو غير ذلك، وقد كرر ذلك في القرآن والمحبة في الله والبغض في الله باب عظيم في الإيمان.
﴿ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء : ١٤٤] يعني أن لكم في موالاة المؤمنين مندوحة عن موالاة الكافرين فلا تؤثروهم عليهم ﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذَالِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَىْءٍ ﴾ [آل عمران : ٢٨] أي ومن يوال الكفرة فليس من ولاية الله في شيء لأن موالاة الولي وموالاة عدوه متنافيان ﴿ إِلا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَـاـاةً ﴾ [آل عمران : ٢٨] إلا أن تخافوا من جهتهم أمراً يجب اتقاؤه أي إلا أن يكون للكافر عليك سلطان فتخافه على نفسك ومالك فحينئذ يجوز لك إظهار الموالاة وإبطان المعاداة ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾ [آل عمران : ٣٠] أي ذاته فلا تتعرضوا لسخطه بموالاة أعدائه وهذا وعيد شديد
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٢٨
﴿ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [آل عمران : ٢٨] أي مصيركم
٢٣١


الصفحة التالية
Icon