إليه والعذاب معد لديه وهو وعيد آخر.
﴿ قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِى صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ ﴾ [آل عمران : ٢٩] من ولاية الكفار أو غيرها مما لا يرضي الله ﴿ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾ [البقرة : ١٩٧] ولم يخف عليه وهو أبلغ وعيد ﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِى الارْضِ ﴾ استئناف وليس بمعطوف على جواب الشرط أي هو الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض فلا يخفى عليه سركم وعلنكم ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة : ٢٨٤] فيكون قادراً على عقوبتكم ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُواءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُا أَمَدَا بَعِيدًا ﴾ [آل عمران : ٣٠] يوم منصوب بـ تود والضمير في بينه لليوم أي يوم القيامة حين تجد كل نفس خيرها وشرها حاضرين، تتمنى لو أن بينها وبين ذلك اليوم وهو له أمداً بعيداً أي مسافة بعيدة، أو بـ اذكر ويقع تجد على ما عملت وحده ويرتفع وما عملت على الابتداء وتود خبره أي والذي عملته من سوء تود هي لو تباعد ما بينها وبينه، ولا يصح أن تكون ما شرطية لارتفاع تود، نعم الرفع جائز إذا كان الشرط ماضياً لكن الجزم هو الكثير.
وعن المبرد أن الرفع شاذ.
وكرر قوله ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾ [آل عمران : ٣٠] ليكون على بال منهم لا يغفلون عنه ﴿ وَاللَّهُ رَءُوفُ بِالْعِبَادِ ﴾ [البقرة : ٢٠٧] ومن رأفته بهم أن حذرهم نفسه حتى لا يتعرضوا لسخطه، ويجوز أن يريد أنه مع كونه محذوراً لكمال قدرته مرجو لسعة رحمته كقوله تعالى :﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [فصلت : ٤٣] (فصلت : ٣٤).
ونزل حين قال اليهود نحن أبناء الله وأحباؤه.
﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران : ٣١] محبة العبد لله إيثار طاعته على غير ذلك، ومحبة الله العبد أن يرضى عنه ويحمد فعله.
وعن الحسن : زعم أقوام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنهم يحبون الله فأراد أن يجعل لقولهم تصديقاً من عمل، فمن ادعى محبته وخالف سنة رسوله فهو كذاب وكتاب الله يكذبه.
وقيل : محبة الله
٢٣٢
معرفته ودوام خشيته ودوام اشتغال القلب به وبذكره ودوام الأنس به.
وقيل : هي اتباع النبي عليه السلام في أقواله وأفعاله وأحواله إلا ما خص به.
وقيل : علامة المحبة أن يكون دائم التفكير، كثير الخلوة، دائم الصمت، لا يبصر إذا نظر، ولا يسمع إذا نودي، ولا يحزن إذا أصيب، ولا يفرح إذا أصاب، ولا يخشى أحداً ولا يرجوه ﴿ وَالرَّسُولِ ﴾ قيل : هي علامة المحبة ﴿ فَإِن تَوَلَّوْا ﴾ [المائدة : ٤٩] أعرضوا عن قبول الطاعة، ويحتمل أن يكون مضارعاً أي فإن تتولوا ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَـافِرِينَ ﴾ [آل عمران : ٣٢] أي لا يحبهم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٢٨
﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى ﴾ [آل عمران : ٣٣] اختار ﴿ ءَادَمَ ﴾ أبا البشر ﴿ وَنُوحًا ﴾ شيخ المرسلين ﴿ إِنَّ اللَّهَ ﴾ [آل عمران : ٣٣] إسماعيل وإسحاق وأولادهما ﴿ إِنَّ اللَّهَ ﴾ [آل عمران : ٣٣] موسى وهارون هما ابنا عمران بن يصهر.
وقيل : عيسى ومريم بنت عمران بن ماثان وبين العمرانين ألف وثمانمائة سنة ﴿ عَلَى الْعَـالَمِينَ ﴾ [البقرة : ٤٧] على عالمي زمانهم ﴿ ذُرِّيَّةِ ﴾ بدل من آل إبراهيم وآل عمران ﴿ بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ﴾ [آل عمران : ٣٤] مبتدأ وخبره في موضع النصب صفة لـ " ذرية " يعني أن الآلين ذرية واحدة متسلسلة بعضها متشعب من بعض : موسى وهارون من عمران، وعمران من يصهر، ويصهر من قاهث، وقاهث من لاوي، ولاوي من يعقوب، ويعقوب من إسحاق، وكذلك عيسى بن مريم بنت عمران بن ماثان وهو يتصل بيهودا بن يعقوب بن إسحاق، وقد دخل في آل إبراهيم رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
وقيل : بعضها من بعض في الدين ﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة : ٢٢٤] يعلم من يصلح للإصطفاء، أو سميع عليم لقول امرأة عمران ونيتها ﴿ إِذْ قَالَتِ ﴾ [آل عمران : ٣٥] وإذا منصوب به أو بإضمار " اذكر ".
﴿ امْرَأَتُ عِمْرَانَ ﴾ [آل عمران : ٣٥] هي امرأة عمران بن ماثان أم مريم جدة عيسى وهي حنة بنت فاقوذا ﴿ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ﴾ [آل عمران : ٣٥] أوجبت ﴿ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ﴾ [آل عمران : ٣٥] هو حال من ما وهي بمعنى الذي أي معتقاً لخدمة
٢٣٣