ومواساة فقراء المسلمين وقيل المراد الانفاق في جميع الاحوال لانها لا تخلو من حال مسرة ومضرة ﴿ الْغَيْظِ ﴾ والممسكين الغيظ عن الإمضاء يقال كظم القربة إذا امتلأها وشد فاها، ومنه كظم الغيظ وهو أن يمسك على ما في نفسه منه بالصبر ولا يظهر له أثراً.
والغيظ : توقد حرارة القلب من الغضب، وعن النبي عليه السلام من كظم غيظاً وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وإيماناً ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾ [آل عمران : ١٣٤] أي إذا جنى عليهم أحد لم يؤاخذوه وروي ينادي مناد يوم القيامة أين الذين كانت أجورهم على الله فلا يقوم إلا من عفا.
وعن ابن عيينة أنه رواه للرشيد وقد غضب على رجل فخلاه ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران : ١٣٤] اللام للجنس فيتناول كل محسن ويدخل تحته هؤلاء المذكورون، أو للعهد فيكون إشارة إلى هؤلاء.
عن الثورى : الإحسان أن تحسن إلى المسيء فإن الإحسان إلى المحسن متاجرة.
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَـاحِشَةً ﴾ [آل عمران : ١٣٥] فعلة متزايدة القبح، ويجوز أن يكون ووالذين مبتدأ خبره أولئك ﴿ أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ﴾ [آل عمران : ١٣٥] قيل : الفاحشة الكبيرة وظلم النفس الصغيرة، أو الفاحشة الزنا وظلم النفس القبلة واللمسة ونحوهما ﴿ ذَكَرُوا اللَّهَ ﴾ [آل عمران : ١٣٥] بلسانهم أو بقلوبهم ليبعثهم على التوبة ﴿ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ﴾ [آل عمران : ١٣٥] فتابوا عنها لقبحهما نادمين.
قيل : بكى إبليس حين نزلت هذه الآية ﴿ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ ﴾ [آل عمران : ١٣٥] من مبتدأ ويغفر خبره، وفيه ضمير يعود إلى من وإلا الله بدل من الضمير في يغفر والتقدير : ولا أحد يغفر الذنوب إلا الله، وهذه جملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه، وفيه تطييب لنفوس العباد، وتنشيط للتوبة، وبعث عليها، وردع عن اليأس والقنوط، وبيان لسعة رحمته وقرب مغفرته من التائب، وإشعار بأن الذنوب وإن جلّت فإن عفوه أجل وكرمه أعظم.
﴿ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا ﴾ [آل عمران : ١٣٥] ولم يقيموا على قبيح فعلهم والإصرار
٢٧٤
الإقامة قال عليه السلام ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة وروي لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٦٩
﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة : ٧٥] حال من الضمير في ولم يصروا أي وهم يعلمون أنهم أساءوا، أو وهم يعلمون أنه لا يغفر ذنوبهم إلا الله ﴿ أؤلئك ﴾ الموصوفون ﴿ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ ﴾ [آل عمران : ١٣٦] بتوبته ﴿ وَجَنَّـاتٍ ﴾ برحمته ﴿ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَـارُ خَـالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَـامِلِينَ ﴾ [آل عمران : ١٣٦] المخصوص بالمدح محذوف أي ونعم أجر العاملين ذلك يعني المغفرة والجنات، نزلت في تمار قال لامرأة تريد التمر : في بيتي تمر أجود، فأدخلها بيته وضمها إلى نفسه وقبلها فندم.
أو في أنصاري استخلفه ثقفي وقد آخى بينهما النبي عليه السلام في غيبة غزوة فأتى أهله لكفاية حاجة فرآها فقبلها فندم فساح في الأرض صارخاً فاستعتبه الله تعالى.
﴿ قَدْ خَلَتْ ﴾ [غافر : ٨٥] مضت ﴿ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ ﴾ [آل عمران : ١٣٧] يريد ما سنه الله تعالى في الأمم المكذبين من وقائعه ﴿ فَسِيرُوا فِى الارْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَـاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ [آل عمران : ١٣٧] فتعتبروا بها هذا أي القرآن أو ما تقدم ذكره ﴿ بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى ﴾ [آل عمران : ١٣٨] أي إرشاد ﴿ وَمَوْعِظَةً ﴾ ترغيب وترهيب ﴿ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ عن الشرك ﴿ وَلا تَهِنُوا ﴾ [النساء : ١٠٤] ولا تضعفوا عن الجهاد لما أصابكم من الهزيمة ﴿ وَلا تَحْزَنُوا ﴾ [فصلت : ٣٠] على ما فاتكم من الغنيمة أو على من قتل منكم أو جرح، وهو تسلية من الله لرسوله وللمؤمنين عما أصابهم يوم أحد وتقوية لقلوبهم ﴿ وَأَنتُمُ الاعْلَوْنَ ﴾ [آل عمران : ١٣٩] وحالكم أنكم أعلى منهم وأغلب لأنكم أصبتم منهم يوم بدر أكثر مما أصابوا منكم يوم أحد، أو وأنتم الأعلون بالنصر والظفر في العاقبة وهي بشارة لهم بالعلو والغلبة
٢٧٥